الشرق اليوم – إن الصين تواجه احتمالات عزلة سياسية واقتصادية؛ بسبب القيود الصارمة التي تفرضها السلطات المحلية لتحقيق استراتيجية “صفر كورونا”.
وفرضت بكين قيودا صارمة على الحدود بعدما أُعلن عن فيروس كورونا للمرة الأولى في الصين أواخر العام 2019، ما أدى إلى تراجع عدد الإصابات بشكل كبير وسمح للاقتصاد بالتعافي. لكنها واصلت التحرك بحزم للسيطرة على أي انتشار محلي للوباء.
وأعلنت اللجنة الوطنية للصحة في الصين، أمس السبت، تسجيل 78 إصابة جديدة مؤكدة بفيروس كورونا ارتفاعا من 64 في اليوم السابق، وهو أعلى عدد إصابات يومية خلال أكثر من ستة أسابيع.
وذكرت اللجنة في بيان أن 59 من الإصابات الجديدة انتقلت محليا ارتفاعا من 48 إصابة قبل يوم. وهذا العدد هو الأعلى للإصابات المحلية منذ 16 أيلول/سبتمبر.
وكانت معظم الإصابات المحلية الجديدة في شمال الصين، وأعلنت أقاليم هيلونغجيانغ ومنغوليا الداخلية وقانسو وبكين ونينغشيا تسجيل إصابات.
وقالت اللجنة إن عدد الإصابات الجديدة التي لا تظهر عليها أعراض بلغ 24 ارتفاعا من 23 قبل يوم. ولا تصنف الصين تلك الإصابات على أنها حالات إصابة مؤكدة.
وبهذا يكون إجمالي عدد الإصابات المؤكدة بكوفيد-19 في بر الصين الرئيسي قد بلغ حاليا 97080 إصابة في حين لا يزال عدد الوفيات ثابتا عند 4636.
إن أعداد الإصابات المنخفضة بكورونا أصبحت مصدر فخر وطني بالنسبة للعديد من الصينيين، حيث تحظى القيود الحكومية الصارمة بدعم شعبي، على الرغم من الاستياء في بداية تفشي الفيروس بمدينة ووهان كانون الأول/ديسمبر من العام 2019.
ويشير الرئيس الصيني، شي جين بينغ، مرارا وتكرارا إلى أن نجاح البلاد في احتواء الفيروس التاجي دليل على تفوق بلاده.
وقالت أستاذة العلوم السياسية بجامعة تورنتو، لينيت أونغ، “يعتقد النظام أنه بحاجة إلى الحفاظ على سياسة صفر كوفيد للحفاظ على شرعيته. لكن هذا يأتي بتكلفة باهظة”.
ومنذ منتصف تشرين الأول/أكتوبر الحالي، أغلقت الصين مدينة يبلغ عدد سكانها 4 ملايين نسمة، بالإضافة إلى العديد من المدن الصغيرة وأجزاء من العاصمة بكين، لاحتواء انتشار جديد أصاب أكثر من 240 شخصا في 11 مقاطعة ومنطقة على الأقل.
وبالرغم من صغر حجم التفشي الجديد مقارنة بالدول الأخرى، إلا أن تلك الإصابات تعد كبيرة بالنسبة للصين.
كما أن السياسة جعلت الصين بشكل متزايد دولة نائية، بحيث يعاد فتح بقية العالم، بما في ذلك نيوزيلندا وأستراليا، اللتان كانتا تنتهجان سياسة صفر كوفيد.
وتعد الصين الآن الدولة الوحيدة التي ما زالت تعمل على القضاء الكامل على الفيروس، بدلا من محاولة التعايش معه كما فعلت كثير من دول العالم.
ورفضت الصين تغيير مسارها عندما اقترح خبير الأمراض المعدية البارز وعضو الحزب الشيوعي الصيني، تشانغ ون هونغ، أن بلاده يجب أن تتعلم التعايش مع الفيروس، حيث تعرض لهجوم شرس عبر الإنترنت باعتباره “خادما للأجانب”.
ووصف وزير الصحة الصيني السابق هذه العقلية بأنها متهورة، فيما قالت البروفيسورة أونغ إن الحكومة تخشى أي تحد لروايتها بالانتصار الكامل على الوباء.
وأضافت: “أصبح انتشار المرض أمرا شائعا لدرجة أنه في الحقيقة ليس حدثا. لكن السلطات الصينية تريد السيطرة على أي مصدر صغير محتمل لعدم الاستقرار”.
ويرى باحث الدراسات الحضرية بجامعة مدينة هونغ كونغ، تشانغ جون، أن هناك أسبابا أخرى لتردد الصين في التخلي عن السياسة الصارمة تجاه الفيروس. وقال إن الموارد الطبية تتركز بشكل كبير في المدن الكبرى، ويمكن أن تجتاح المناطق النائية موجات كبيرة من التفشي.
بالإضافة إلى ذلك، على الرغم من أن الصين حققت معدل تطعيم كامل بنسبة 75 بالمئة من سكانها، فقد ظهرت أسئلة حول فعالية اللقاحات المحلية.
ويتفق الخبراء أن تكاليف سياسة صفر كوفيد تأتي على حساب تباطؤ النمو الاقتصادي، حيث ينخفض السفر المحلي خلال عطلة نهاية الأسبوع.
وأفادت وسائل الإعلام الحكومية أن ما يقرب من 10 آلاف سائح محاصرون في “إيجين بانر”، وهي منطقة من منغوليا الداخلية، بعد ظهور حالات أدت إلى إغلاق كامل. ووعدتهم جمعية السياحة المحلية بالدخول المجاني إلى ثلاث مناطق جذب سياحي شهيرة، يمكن استخدامها في غضون السنوات الثلاث المقبلة كتعويض لهم بعد إغلاق المرافق السياحية.
كما تعاني البلاد أيضا من الناحية الدبلوماسية، إذ لم يغادر الزعيم شي الصين أو يستقبل زوارا أجانب منذ أوائل عام 2020، حتى في الوقت الذي يستعد فيه قادة العالم الآخرون للاجتماع أولا في روما لحضور قمة مجموعة العشرين ولاحقا في غلاسكو للمشاركة بقمة الأمم المتحدة للمناخ “كوب 26”.
وأعلنت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا)، الأسبوع الماضي، عن إقالة أمين عام الحزب الحاكم في إجين بانر في منطقة منغوليا الداخلية (شمال) “نظرا لضعف أدائه وتطبيقه لقواعد ضبط الوباء والوقاية منه”.
وشهدت المدينة إصابات كانت ضمن موجة حالات كوفيد الأخيرة التي اجتاحت مناطق شمال البلاد.
وتجري السلطات حملة فحوص واسعة النطاق تشمل 11 مقاطعة حيث علقت السلطات الرحلات السياحية بين المقاطعات في خمس مناطق رصدت فيها إصابات، بينها بكين.
وفي مؤشر على مدى الجدية التي تتعامل بكين من خلالها مع تفشي الوباء، أطلقت شرطة المدينة ثلاثة تحقيقات جنائية في شبهات بانتهاك قواعد السلامة المرتبطة بكوفيد، وفق ما أفاد نائب مدير مكتب الأمن العام للمدينة الأحد.
وفي وقت سابق، علقت مدينة لانتشو ومنطقة منغوليا الداخلية خدمات الحافلات وسيارات الأجرة.
الوسومThe New York Times: قيود "صفر كورونا" قد تعزل الصين عن العالم الصين كورونا مقالات رأي
شاهد أيضاً
مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟
العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …