الرئيسية / مقالات رأي / المخاطرة السودانية

المخاطرة السودانية

بقلم: عمرو الشوبكي – المصري اليوم 

الشرق اليوم – قرار رئيس المجلس السيادي السوداني، الفريق برهان، حل الحكومة وتعليق العمل ببعض مواد الوثيقة الدستورية كان متوقعًا لأسباب كثيرة، أبرزها طول الفترة الانتقالية حتى وصلت إلى 5 سنوات، والمدهش أن المجلس العسكري الانتقالي في السودان طالب عقب نجاح الثورة بأن تكون المرحلة الانتقالية عامين، في حين طالبت قوى الحرية والتغيير بأن تصبح أربع سنوات، ثم بعد مفاوضات بينهما توصلا إلى أن تصبح ثلاث سنوات، وبعد التوقيع على اتفاق جوبا للسلام هذا العام، تم «تصفير العداد»، وإعلان بدء المرحلة الانتقالية من تاريخ التوقيع على الاتفاق.

والحقيقة أن الفترة الانتقالية تعرف سيولة ومواءمات تؤجل أي قرارات إصلاحية جراحية، مطلوبة، ويدفع فاتورة أي تعثر أو فشل المكون المدني أكثر من العسكري رغم أنه في شراكة معه.

وقد عانى المكون المدني الداعم لـ«حمدوك» ومعه التيارات الثورية مشكلتين: الأولى تركيزه على هدف أساسي تمَثّل في عزل قيادات النظام القديم والخلط بين مَن ارتكب جرائم دم أو فساد وإفساد وبين قيادات وسطى وصغرى دخلوا الحزب الحاكم لتحقيق مصالح صغيرة معروفة في كل أحزاب السلطة في العالم العربي، وهو ما خلق مع الوقت حاضنة من بقايا النظام القديم التفّت حول المكون العسكري، وناصبت «الحرية والتغيير» العداء، والثانية انقسام قوى «الحرية والتغيير» نفسها بين المجلس المركزي الداعم لـ«حمدوك» والمسيطر على قطاع مؤثر من الشارع، وبين مجموعة الميثاق الوطني، المؤثرة أيضًا، حتى لو كانت أقل صخبًا، وطالبت بحل الحكومة والمجلس الرئاسي، ورحبت بتدخل الجيش، بجانب رفض كثير من القوى القبلية والتقليدية أداء الحكومة، مثل المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات في شرق السودان، والذي طالب بحل الحكومة وأيّد تدخل الجيش.

وستبقى ورقة الشارع التي استُخدمت في غير وقتها، أي في المرحلة الانتقالية، ذات مخاطرة كبرى، فلايزال البعض لم يتعلم الدرس ويتصور أن تحقيق أهداف الثورة يتم فقط من خلال الصوت الاحتجاجي، ويتجاهل المهمة الأصعب، وهي بناء مشروع حزبي وسياسي قادر على تقديم حلول جديدة وغير تقليدية لبلد يعاني انقسامًا مناطقيًا وقبليًا وأزمة اقتصادية وسياسية عميقة.

يقينًا قرار رئيس المجلس السيادي بوضع مسار المرحلة الانتقالية في يده فيه مخاطرة كبرى على سلامة السودان ومستقبله، فمن ناحية لا يعرف السودان جيشًا صلبًا مكتمل التماسك والانضباط، فهناك الجيش النظامي، وقوات الدعم السريع، كما أن دعوات التظاهر والاحتجاج في مواجهة خطوة قائد الجيش لديها مبرراتها في الوقت الحالي على عكس ما حدث في الفترة الانتقالية، ولكنها في نفس الوقت تحمل مخاطر على بلد منقسم ويعاني ضعفًا شديدًا في مؤسساته.

نتمنى مرور المظاهرات بأقل الخسائر ولا تهدد سلامة البلد كمجتمع ودولة، وينهي السودان المرحلة الانتقالية في أقرب فرصة.

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …