بقلم: رامي الخليفة العلي – صحيفة “عكاظ”
الشرق اليوم – أخبرت طهران أطرافا دولية بأنها قادرة على إيقاف الحرب في اليمن ولكن بشروطها، وشروطها هذه تريد أن تجعل من إيران المهيمنة على المنطقة، بل إنها تريد أن يكون تدخلها في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، تدخلا معترفا به، بحيث يسمح لها ذلك بأن تخلق في كل دولة عربية جماعة تابعة لها شبيهة بجماعة حزب الله الإرهابية. هدف إيران طوال الأربعة عقود الماضية هو تمزيق النسيج الاجتماعي في الدول العربية، بحيث تتشظى تلك الدول إلى ملل ونحل وطوائف ومذاهب، يسهل حينذاك إضعاف هذه الدول واستغلال بعض من أبناء التشكيلات الطائفية مطايا سياسية تحفظ الهيمنة الإيرانية، وإذا ما أردنا مثالا على ذلك فإن ما يحدث في لبنان وفي العراق أكبر دليل. ما تريده طهران هو لبننة الوضع في كل الدول العربية إن استطاعت. لذلك فإن الدعوات التي نسمعها على امتداد السنوات الماضية لحل أزمات المنطقة في المنطقة عبر الحوار بين إيران وجوارها العربي لم تكن إلا لذر الرماد في العيون. لم تترك المملكة العربية السعودية أي فرصة لإقامة هذا الحوار مع إيران إلا واستغلته، ولم تترك سانحة إلا ومدت يدها للتفاهم والتعاون، ولكن في كل مرة تسمع المملكة ومن ورائها الدول العربية جعجعة ولا ترى طحينا، تسمع كلاما عن حسن الجوار وأمن وسلام المنطقة ولكن سرعان ما تكتشف الخنجر المسموم الذي يترصدنا.
الحوارات التي شهدتها العاصمة العراقية بغداد بين المملكة وطهران نزلت بردا وسلاما على قلوب كثير من شعوب المنطقة التي تريد إنهاء العبث الإيراني عبر الوسائل السياسية والدبلوماسية، وتريد أن تعمد طهران إلى وقف تدخلاتها الإقليمية التي لم تجر على دول وشعوب المنطقة سوى الدمار والويلات. ولكن ما صرح به المبعوث الأمريكي تيموثي ليندركينغ بأن إيران غير مهتمة بإنهاء الحرب في اليمن، وهذا يشي بعودة النظام الإيراني إلى سياسته الأثيرة، وهي شراء الوقت ومحاولة استغلال كل ذيولها في المنطقة، وفي هذه الحالة فإن جماعة الحوثي الإرهابية لم تكن سوى ورقة ألقت بها إيران على طاولة مشاداتها مع الغرب وخصوصا الولايات المتحدة. أن تصل متأخرا خير من أن لا تصل، ومن الجيد أن إدارة بايدن وصلت إلى النتيجة التي لطالما تحدثت عنها الدول العربية وهي تحديد الموقف الإيراني. ولكن ماذا بعد هذه النتيجة، هل ستتوقف إدارة بايدن عن السياسة الضبابية وعدم وضوح الإستراتيجية؟ خصوصا أن موقف طهران من اليمن يترافق مع مماطلة مماثلة في عودتها إلى مفاوضات فيينا. إن هذه الضبابية الأمريكية هي التي تعطي النظام الإيراني هامشا واسعا للمناورة، أما بخصوص الحوار الجارية فصوله في بغداد فإن المقدمات لا تشي بالكثير، ويبدو أن إيران مصممة على إضاعة الفرص مرة أخرى، حتى لو كان ذلك على حساب شعبها وشعوب المنطقة.