الرئيسية / مقالات رأي / السودان والمنعطف

السودان والمنعطف

كلمة صحيفة “الرياض”

الشرق اليوم – مرة أخرى تعجز إحدى دول ما يسمى بـ”الربيع العربي” عن العبور الآمن للاستقرار وإرساء دولة المؤسسات والعدالة، وهذا أمر جدير بالتأمل، لمعرفة أسباب هذا التعثر المستمر في التحول إلى دولة حقيقية تلبي آمال وتطلعات شعوبها. فها هو السودان بعد فترة هدوء نسبي يعود لخانة التوتر عقب قيام الجيش بتولي السلطة والإطاحة بشريكه المدني، والتحفظ على رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، وهو ما يفتح الوضع في السودان على مآلات غير معروفة، لا سيما وأن الشارع يشهد حالة من الانقسام الحاد، وسط منسوب عالٍ جداً من الاستقطاب السياسي، وهو ما يضع السودان على صفيح ساخن، حال انفلات الأمور بصورة لا يحمد عقباها.

على مدى عامين تقريباً عاش السودان مرحلة انتقالية، من المفترض أنها كانت كافية لإرساء النموذج الديمقراطي وخلق دولة مستقرة، لكن ذلك لم يحدث، وهنا بوسع المراقب أن يقفز إلى تفسيرات كثيرة، أهمها نظرية الدولة العميقة التي خلفها النظام السابق، وحرصها على الاحتفاظ بمكتسباتها، ووضع العصا في دواليب بناء الدولة الجديدة، كما يمكن تفسير حالة المراوحة السياسية المزمنة في السودان بهشاشة التقاليد الديمقراطية، بعد ثلاثة عقود من تجريف الحياة السياسية قام بها نظام البشير، غير أنه يمكن أيضاً ببساطة أن يفسر “الانقلاب” الأخير بنفاد صبر الجيش حيال استفحال المناكفات السياسية التي عطلت عملية بناء النظام السياسي، ورغبته في إنهاء وضع المراوحة الحالي متكئاً على قوة المؤسسة العسكرية، وصلابتها، وهنا يتوقف الوضع السوداني على ماهية الرؤية التي يحملها الجيش للبلاد، وما إذا كان يود لعب دور الراعي المحايد للعملية السياسية، أو يطمع لما هو أكثر من ذلك.

المملكة كعادتها موقفها واضح في حرصها على كل ما يحقق الأمن والاستقرار للبلد الشقيق، ودعوة جميع الأطراف لتجنب التصعيد حفاظاً على ما تحقق من مكتسبات في المرحلة السابقة، ومن المهم أن يدرك السودانيون أنفسهم شعباً ونخباً أن عبور بلدهم لهذه المرحلة من الاضطرابات رهين بضرورة التحلي بأكبر قدر من الحكمة والمسؤولية، ليعبر السودان بسلام هذا المنعطف الخطير.

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …