بقلم: عثمان الطاهات – صحيفة الدستور
الشرق اليوم- لم يستطيع الوجود العسكري الأمريكي في أفغانستان أن يحبط طموحات الصين في أفغانستان، وسعت الصين لزيادة نفوذها الاقتصادي في أفغانستان، من خلال ضخ استثمارات بمليارات الدولارات في مشاريع تنموية مختلفة، وتعد الصين أكبر مستثمر أجنبي في أفغانستان وقد دخلت أفغانستان لأول مرة كمستثمر ومطور رئيسي في عام 2007، عندما فازت بعقد قيمته 3.5 مليار دولار لتشغيل منجم مسك أياناك للنحاس والذهب في مقاطعة لوغار بشرق البلاد.
ثم استثمرت أيضًا في مشاريع التنقيب عن النفط والغاز، وفي ديسمبر 2011، فازت شركة بترول صينية بمناقصة بقيمة 400 مليون دولار لحفر ثلاثة حقول نفطية لمدة 25عامًا في مقاطعتي فارياب وسار إي بول الأفغانية، بالإضافة إلى الاستثمار في مشروعات تطوير البنية التحتية للسكك الحديد.
وبعد الانسحاب الأمريكي، وفي ظل علاقة الصين الوطيدة مع حركة طالبان وباكستان، يمكن أن تكون أفغانستان ذات الموقع الاستراتيجي المميز فرصة اقتصادية فريدة بالنسبة للصين، تسهل وصول اقتصادها المتنامي إلى ما يحتاجه من موارد النفط والغاز في آسيا الوسطى.
كما يمكن أن تشكل أفغانستان نقطة محورية في مبادرة الحزام والطريق الصينية المتضمنة إعادة إحياء طريق الحرير القديم وبناء شبكات تجارية تربط بين آسيا وأوروبا وإفريقيا، وهو مشروع ضخم للبنية التحتية والتنمية الاقتصادية تتبناه الصين، وتسعى من خلاله إلى تعزيز نفوذها في الاقتصاد، وتصل مبادرة الحزام والطريق الصينية اليوم إلى سلسلة من مشاريع تطوير البنية التحتية بقيمة تريليون دولار في 70دولة.
لم يتم تضمين أفغانستان في البداية في خريطة المبادرة عندما تم إطلاقها في عام 2013، ولكن في السنوات الأخيرة، حولت الصين تركيزها وزادت حصصها في أفغانستان، التي تحتاج بشدة إلى مشاريع تطوير البنية التحتية، وتمت مناقشة الدور المحتمل فى أفغانستان التي مزقتها الحرب، والتي تتناسب جيدًا مع مبادرة الحزام والطريق، حيث توفر أفغانستان التي تتمتع بموقع استراتيجي أقصر طريق بين آسيا الوسطى وجنوب آسيا، وبين الصين والشرق الأوسط، كما يمكن أن تكون أيضًا بمثابة بوابة إلى بحر العرب.
لم تحدد الصين بالضبط كيف سيتم دمج أفغانستان في مبادرة الحزام والطريق، ولكن على الأقل يمكن دمجها في برنامج الممر الاقتصادي الصيني-الباكستاني الذي تبلغ قيمة استثماراته 62 مليار دولار في مشاريع البنية التحتية للنقل، والتي يمكن تمديدها إلى أفغانستان، وبالتالي دمجها بشكل أكبر في مبادرة الحزام والطريق وتوفير نقطة انطلاق لتوسيع مبادرة الحزام والطريق إلى منطقة الخليج الغنية بالطاقة. وقد زادت أهمية تضمين أفغانستان في المبادرة الصينية بعد بناء ميناء جوادر الغربي لباكستان لدعم الوصول الاقتصادي اللوجيستي للصين.