By: Noah Berlatsky
الشرق اليوم – أعلن الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، يوم الخميس، عن خطط لإنشاء موقع إلكتروني جديد باسم Truth Social، والذي سيكون منصة للتواصل الاجتماعي، قائلًا إن المنصة ستواجه استبداد شركات التكنولوجيا الكبرى.
ولكن في الواقع تعد هذه المنصة الجديدة جزءًا من جهود ترامب المستمرة لاستمالة وسائل الإعلام والسيطرة عليها، وتقويض الديمقراطية، والاستيلاء على السلطة.
فقد قامت منصات «تويتر» و«فيسبوك» بحظر الرئيس السابق من شبكاتها بعد أن أصبح واضحًا للجميع أنه ينشر معلومات مضللة عن الانتخابات، وبعد أن استخدم وسائل التواصل الاجتماعي بشكل مباشر للتشجيع على محاولة الانقلاب اليمينية في 6 يناير الماضي، ولكنه جادل بأن حظره هذا كان يمثل انتهاكًا لحرية التعبير، ويبدو أن الرئيس السابق لايزال يتبنى نفس النهج، إذ قال في إعلانه عن الشبكة الجديدة: «نحن نعيش في عالم تتمتع فيه حركة طالبان بحضور كبير على تويتر، ومع ذلك فقد تم إسكات الرئيس الأمريكي المفضل».
لذا فإنه بالنظر إلى هذا السياق، فإن منصة ترامب الجديدة تبدو وكأنها تهدف لأن تكون مكانًا للضعفاء من أجل التغلب على وضع الأقوياء لهم في قوائم سوداء، ولكن ترامب لم يكن شخصًا ضعيفًا أبدًا، فلا يهدف التعديل الأول إلى حماية رئيس الولايات المتحدة من رقابة الصحافة، ولكنه مصمم لحماية الصحافة من تدخل الحكومة.
وتعد منصات «فيسبوك» و«تويتر» شركات خاصة، تقوم مثل الصحف أو المجلات بنشر محتوى يتماشى مع أهدافها التحريرية ورؤيتها، ولكن لا يوجد مبدأ أخلاقي يقول إنه على هذه الشركات أن توافق على نشر كل ما يقوله الرئيس دون تحرير أو تعليق، بل إن إجبارها على منح الرئيس تفويضًا مطلقًا غير مقيّد بإلقاء الأكاذيب هو انتهاك واضح لحرية التعبير.
كما أن الصحافة ليست ملزمة بقول ما يقوله لها الرئيس أو السماح له باستخدامها لتحقيق أهدافه الخاصة، والقول بخلاف ذلك هو إبطال لحرية التعبير وتحويلٌ للصحافة إلى كلب صغير تابع للرئيس.
ومن خلال حظر ترامب، كانت «تويتر» و«فيسبوك» تؤكدان استقلال الصحافة عن سيطرة الرؤساء، ولكن يبدو أنه تم تصميم Truth Social لتحدي وتقويض هذا الاستقلال، فالموقع يظهر بشكل علني باعتباره منصة سياسية، كما أنه سيكون مرتبطًا بما يقوله ترامب فقط.
وصحيح أن ترامب ليس رئيسًا في الوقت الحالي، إلا أنه يشير إلى أنه من المرجح أن يترشح مرة أخرى في عام 2024، لذا فإن منصته تهدف إلى منحه المنفذ الإعلامي الذي يتوق إليه.
ولكن ماذا لو أصبح ترامب رئيسًا مرة أخرى، بينما هو الرئيس الفعلي لشركة تدير تطبيق تواصل اجتماعي؟ هل سيستخدم السلطة التنظيمية للدولة لمحاولة منع منافسيه من العمل؟
هذا كله بافتراض أن Truth Social سينطلق فعليًا على أرض الواقع، وذلك لأنه مثل العديد من مشاريع ترامب الأخرى يبدو أنه يحمل الكثير من الضجيج أكثر من المضمون، إذ إنه لم تتم تسمية أي مدير تنفيذي حتى الآن، وليس من الواضح على الإطلاق ما إذا كانت الشركة ستقدم بالفعل منتجًا قابلًا للاستخدام أم لا.
لكن يجب ألا يعمينا عدم كفاءة ترامب عن تداعيات جهوده المخيفة لتقويض الديمقراطية، فصحيح أنه من غير المرجح أن تتحدى Truth Social منصات وسائل التواصل الاجتماعي الأخرى أو تحصل على حصتها في السوق، ولكن رؤية ترامب لمنصته الجديدة ينبغي أن تُقلق كل من يعتقد أن الصحافة المستقلة هي كابح أساسي لسلطة الحكومة، فعلى الرغم من أن Truth Social تبدو الآن مجرد مزحة، إلا أن ترامب كان مزحة في السابق أيضًا.
ترجمة: المصري اليوم