الرئيسية / مقالات رأي / كابوس شبه الجزيرة الكورية

كابوس شبه الجزيرة الكورية

افتتاحية صحيفة “الخليج”

الشرق اليوم – ما إن تغيب أخبار كوريا الشمالية عن وسائل الإعلام حتى تعود مجدداً لاحتلال صدارة عناوين الصحف ونشرات الأخبار. ولعل قيادة بيونج يانج تريد الإبقاء على الإدارة الأمريكية في حالة قلق، كجزء من حرب نفسية يمارسها الزعيم الكوري الشمالي، كيم أون يونج الذي لا يثق مطلقاً بواشنطن، وقد اتهمها وزير الخارجية الكوري الشمالي ري سون جوون، مؤخراً، بـ«النفاق»، و«السعي إلى تغيير النظام».
وبعد نجاح كوريا الشمالية، قبل أيام، في اختبار نوع جديد من الصواريخ الباليستية التي تطلق من الغواصات، وبعد سلسلة من التجارب الصاروخية في الأسابيع الأخيرة، بما في ذلك أسلحة تفوق سرعتها سرعة الصوت، وبعيدة المدى، دعت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا مجلس الأمن للاجتماع، كما في كل مرة تطلق فيها بيونج يانج صاروخاً، في محاولة لإدانة عمل كوريا الشمالية باعتباره «انتهاكاً لقرارات مجلس الأمن». وكالعادة، يفشل مجلس الأمن في الإدانة جراء الموقف الصيني، كما أن بيونح يانج ترى في التجارب الصاروخية ممارسة لحقها في امتلاك القدرات التسليحية لحماية نفسها، وتتهم واشنطن بممارسة «المعايير المزدوجة» تجاه نفسها، وتجاه غيرها، وهكذا يبقى السجال مفتوحاً، والخطر قائماً.
وقبل عامين، فتحت القمة التي عقدت في سنغافورة بين الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، والزعيم الكوري الشمالي كيم يونج أون، باباً للأمل بوضع حد للأزمة الكورية، ومعالجة وجع الرأس الذي تسببه بيونج يانج، لكن هذا الأمل سرعان ما تلاشى جراء جبال من عدم الثقة بين الجانبين حالت دون مواصلة المسيرة السلمية.
وبعد قمة سنغافورة قال الرئيس ترامب «لم يعد هناك تهديد نووي شمالي»، لكن بعد عام، وإثر انعقاد قمة هانوي الثانية بين الزعيمين، انهار كل شيء بسبب خلاف حول التنازلات التي يمكن أن تقدمها بيونج يانج مقابل تخفيف العقوبات. يومها اتهمت كوريا الشمالية الولايات المتحدة بأنها تريد أن تقبض الثمن سلفاً من دون أن تدفع شيئاً.
ويبدو أن بيونج يانج كانت تنتظر مكافأتها عما تعتبرها تنازلات عبر تخفيف العقوبات الدولية المفروضة عليها، بعد قيامها خلال السنتين الماضيتين بتجميد تجارب الصواريخ الباليستية والعابرة للقارات، وتفكيك موقع تجارب نووية، إلى جانب إعادة مواطنين أمريكيين كانوا محتجزين لديها، ورفات جنود أمريكيين قتلوا خلال الحرب الكورية.
كانت الآمال مرتفعة جداً بتحسين العلاقات، وكانت بيونج يانج مستعدة للاندماج في المجتمع الدولي والتخلص من العقوبات الأمريكية والدولية، لكنها شعرت في لحظة ما بأنها تتعرض للغش وإطلاق الوعود الفارغة من دون أن تلمس شيئاً إيجابياً يعبّر عن استعداد الآخر الأمريكي لتقديم تنازلات.
وهكذا، تبقى شبه الجزيرة الكورية أخطر نقطة ساخنة في العالم، ويطاردها شبح الحرب النووية، طالما ظلّ كابوس الصراع قائماً في جنوب شرق آسيا بين الولايات المتحدة والصين، وبالتبعية مع كوريا الشمالية.

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …