بقلم: رامي الخليفة العلي – عكاظ السعودية
الشرق اليوم- لم تكن أحداث الرابع عشر من تشرين أول/أكتوبر بدعا في الحياة السياسية اللبنانية، فقد أصبح استفزاز شركاء الوطن ديدن الميليشيات الإرهابية، من حق المواطن اللبناني وفقا للدستور والقوانين السارية أن يتظاهر لأي سبب من الأسباب، ولكن ليس من حق حزب طائفي كحزب الله أن يرسل أتباعه إلى منطقة ذات غالبية مسيحية ومحملة بالكثير من الصور والآلام والجروح الغائرة، ثم يقوم هؤلاء (المتظاهرون) برفع شعارات طائفية وهتافات أقل ما يقال فيها إنها مستفزة لأبعد الحدود.
من أرسل مناصريه لم تكن لديه قضية بقدر ما كان لديه هدف وهو الوصول إلى حالة التوتر، فهو بات يتغذى على التوترات الطائفية والمذهبية. لم يجانب الدكتور سمير جعجع زعيم حزب القوات اللبنانية الصواب عندما وصف مظاهرات حزب الله في حي عين الرمانة باعتبارها 7 أيار مصغرة ولكنها هذه المرة مسيحية. ففي العام 2008 قام حزب الله بنشر عناصره وميليشياته في المناطق ذات الغالبية السنية وحاصر المؤسسات التي تنتمي إلى تيار المستقبل، حين ذاك استطاع أن يفرض إرادته وأن يبقي سيطرته على مطار الشهيد رفيق الحريري وأن يبقي على شبكة اتصالات خاصة به، بكلمة أخرى استطاع أن يرسخ دولته داخل الدولة اللبنانية. ومنذ ذلك الحين حزب الله وسلاحه يهيمن على لبنان وعلى طوائفه، وهو من يعين رئيس الجمهورية وهو من يطيح برئيس الوزراء وهو من يشرف على فساد الطبقة السياسية.
حزب الله أيها السادة فوق القانون وفوق المؤسسات وفوق الأحزاب، يقتل من يشاء، في الوقت الذي يشاء، ومنطقه يقول ببساطة إنه وأتباعه زعران الحي، حيث يعيثون في بلاد الأرز فسادا، يبدأ من امتلاك السلاح إلى قتل الخصوم، مرورا بتجارة المخدرات وتبييض الأموال والقيام بمهمات إقليمية كالقتال في سوريا واليمن والعراق.
رسالة حزب الله عبر الإصرار على إقالة القاضي طارق البيطار بأنه فوق القانون هو وجماعته وأتباعه، وأن دولة القانون هي خطر عليه. هذه ليست المرة الأولى فقد رفض سابقا الحزب الإرهابي التعاون مع المحكمة الدولية المكلفة بالتحقيق في جريمة اغتيال الشهيد رفيق الحريري. بل إن الحزب أصبحت لديه سياسة راسخة وهي تخيير اللبنانيين بين القبول بهيمنته وسيطرته، بل وإذلاله لشرائح واسعة من المجتمع اللبناني أو الذهاب بعيدا في جر البلاد نحو الانفجار الكبير.
الدكتور سمير جعجع وحزبه من القلائل الذين ما زالوا يقولون لا للميليشيات الإرهابية، ما زالوا يراهنون على الدولة اللبنانية، يرفضون أن تتحول بلاد الأرز إلى ألعوبة بيد طهران، لذلك نجد هذا الاستهداف الممنهج لهذه الشخصية السياسية. ونخشى أن يرتكب الحزب حماقة تدفع البلاد إلى الهاوية وأن يلجأ إلى حلوله الدموية في لعبة الموت التي يتقنها الحزب الإرهابي للتخلص من خصومه السياسيين. الوطن الصغير يسير في حقل ألغام زرعها حزب الله ومن وراءه، ويدنا على قلوبنا خشية أن تعود صفحات من تاريخ الحرب الأهلية المريرة، لأن هذا ما تؤدي إليه سياسات الرؤوس الحامية في الضاحية الجنوبية.