بقلم: عائشة المري – الاتحاد الإماراتية
الشرق اليوم– أعلنت مفوضية الانتخابات العراقية النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية المبكرة التي عقدت في 10 أكتوبر الجاري، وقد تصدّرها التيار الصدري الذي غرّد زعيمه مقتدى الصدر على «تويتر»، في 16 من أكتوبر، قائلاً إنه سيسعى إلى إنشاء تحالفات وطنية لا طائفية ولا عرقية، تحت خيمة الإصلاح، «لتتناسب مع تطلعات الشعب العراقي إلى تشكيل حكومة خدمية». فهل ينتظر فعلاً أن تجلب الانتخابات البرلمانية للعراق الاستقرار والرفاه؟ وما هو موقف طهران من نتائج الانتخابات بعد تراجع الأحزاب السياسية الشيعية المقربة من إيران؟
كشفت نتائج الانتخابات التي شهدت نسبة مشاركة منخفضة بلغت 41٪ فقط عن تغير جذري في خريطة الأحزاب السياسية المهيمنة، فوفقاً لهذه النتائج فقد تقدّم التيار الصدري محرزاً 73 مقعداً في البرلمان المكون من 329 مقعداً، بعد أن كان يشغل 54 مقعداً في البرلمان السابق، مما يشير إلى ذكاء التيار في إدارة الملف الانتخابي. كما حل تحالف «تقدم» (السني»، بزعامة محمد الحلبوسي، ثانياً بحصوله على 41 مقعداً. وبعده تحالف «دولة القانون» بزعامة نوري المالكي بـ37 مقعداً. وحصد «الحزب الديمقراطي الكردستاني» 32 مقعداً، وحزب «الاتحاد الوطني الكردستاني» 15 مقعداً، وحصل تحالف «عزم» بزعامة خميس الخنجر على 20 مقعداً، وحصل تحالف «الفتح» الذي يضم فصائل موالية لطهران مثل «الحشد الشعبي» و«منظمة بدر» و«عصائب الحق» (تتهمها الحركة الاحتجاجية بالمسؤولية عن مقتل المتظاهرين والنشطاء السياسيين) على 14 مقعداً بعد أن كانت ممثلة بـ48 مقعداً في البرلمان السابق.
ويشير المراقبون إلى أن تغيير النظام الانتخابي أسهم في نتائج الانتخابات العراقية الأخيرة، إذ كان النظام الانتخابي نظام القوائم النسبية الذي أسهم في دعم الأحزاب السياسية، أما نظام الدوائر الانتخابية المتعددة الجديد، فقسّم البلاد إلى 83 دائرة انتخابية، توزع على عدد المحافظات وبحسب نسبها السكانية، ووفق نظام الاقتراع الأحادي الذي يصوت فيه الناخب لمرشح واحد فقط وبالتالي دعم حظوظ المستقلين، وقلل من توظيف الاعتبارات الطائفية عند التصويت. إلا أنه يُستَبعد أن تؤدي نتائج التصويت إلى تغيير حاد في النظام السياسي وتوزيع القوة بين الأحزاب، إذ عادة ما تعقب الانتخابات في العراق مفاوضات على توزيع المناصب الحكومية بين الأحزاب المهيمنة، فيما يحاول التيار الموالي لإيران (التيار الولائي) الحصول على أكبر قدر من التحالفات داخل البيت الشيعي. وقد بدأت أحزاب التيار الولائي بالتشكيك في نزاهة الانتخابات، والتلويح بالسلاح واللجوء للصدام!
ورغم حصول التيار الصدري على أغلبية تهيئه للحديث عن «حكومة صدرية»، فإن أجواء التصعيد وضرورة التوصل إلى تحالفات لتشكيل الحكومة ترجح -حسب المراقبين- إمكانية بناء توافقات بين الأحزاب، كما ترجع أن لا يقوم التيار الصدري بترشيح اسم لشغل منصب رئيس الوزراء، بل سيبقي على اسم مصطفى الكاظمي مرشحاً محتملا للمنصب، مقابل فرض التيار لشروطه والاستحواذ على أكبر عدد ممكن من الحقائب والمراكز في مفاصل الدولة.
وسيبقى حسم تشكلة الحكومة العراقية مرتبطاً بحل معادلة الأرقام الحزبية في الحكومة المرتقبة، مع التصعيد الذي تشهده الأجواء حالياً، فيما سترجح على الدوام أجواء التوافق والمحاصصة الحزبية والطائفية كما هو شأن كل حكومات ما بعد الغزو الأميركي، حيث ما يزال أمام العراق الكثير قبل الحديث عن تغيير سياسي حقيقي.