بقلم: فيصل عابدون – صحيفة الخليج
الشرق اليوم- هناك ثلاثة مسارات رئيسية تدور حولها التحركات السياسية والدبلوماسية لإنهاء الأزمة في ليبيا، هي على التوالي: المسار السياسي، والمسار العسكري، ومسار المصالحة الوطنية، وهي وإن كانت من الناحية النظرية مسارات منفصلة إلا أنها في الواقع مسارات متداخلة ومتصلة، ومن الضروري أن تكون متوازية، ففي نجاحها معاً يكمن نجاح العملية السياسية برمتها، بينما يطرح تراجع أي مسار عن اللحاق بالمسارين الأخرين مشكلات وعراقيل كبيرة.
وفي هذا الخصوص فإن أنظار الليبيين تتجه خصوصاً إلى يوم الحادي والعشرين من أكتوبر/تشرين الأول الحالي؛ حيث من المقرر أن تجري المناقشات النهائية والاختبارات الحاسمة للمدى الذي وصلت إليه توافقات الفرقاء بشأن النجاح الذي تحقق على مستوى المسارات الثلاثة، ونوعية الدعم الدولي والإقليمي المطلوب لبناء المرحلة المقبلة، وذلك خلال جلسات مؤتمر الاستقرار الليبي المقرر انعقاده في طرابلس العاصمة بإدارة ليبية خالصة ومشاركة إقليمية ودولية واسعة.
وفي صلب نقاشات المؤتمر المزمع قضية الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقررة نهاية ديسمبر، وهي القضية الحاسمة في البناء الديمقراطي والعنوان الأبرز لعبور مرحلة الحرب والانقسامات السياسية والفكرية والمناطقية. وقطعت قضية إجراء الانتخابات مراحل كبيرة من ناحية توافق الفرقاء ومن ناحية التحضيرات الفنية والقانونية وتسلمت المفوضية العليا قانون الانتخابات بعد اعتماده من البرلمان من أجل اعتماده كأساس قانوني دستوري للاستحقاق المقبل.
ومن المؤكد أن إنجاز قانون الانتخابات هو العنوان الأبرز للعبور بالعملية السياسية من مرحلة الاستعداد للبناء والخلافات العميقة والنقاشات المتشعبة والحادة، إلى مرحلة بروز البناء إلى الواقع الفعلي وبالتالي محاصرة الاختلافات في نقاط محدودة يسهل تجاوزها والمضي للأمام.
وفي الحالة الليبية فقد تركزت الاختلافات على البند رقم 20 في القانون والذي يضع فاصلاً زمنياً بين انتخابات المجلس التشريعي وانتخابات الرئيس. ويشدد المعارضون لهذا البند على إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية متزامنة في موعدها المحدد في 24 ديسمبر المقبل، وذلك لأن الاستحقاقين يرتبطان ببعضهما، وأن تنظيمهما معاً يشجع المواطنين على الحضور ويرفع نسبة المشاركة الشعبية. كما أن التأجيل قد يسبب ضرراً للعملية برمتها ويدخل البلاد في دوامة يصعب الخروج منها. والاختلاف على هذه النقطة ليس خطراً وتسويته خلال المؤتمر تعد أمراً ممكناً ومتوقعاً.
مناقشات المسار العسكري في المؤتمر تركز بشكل أساسي على قضية توحيد الجيش وإجلاء القوات الأجنبية وقوات المرتزقة. ويبحث المؤتمر خصوصاً في آليات التنفيذ ودور المجتمع الدولي في إكمال هذه الخطوة الحاسمة، بعد أن وضعت لجنة ال 5+ 5، الخطوات التنفيذية الضرورية وفي مقدمتها تجميع القوات في معسكرات إيواء في كل من طرابلس وبنغازي؛ حيث تجري عمليات التصنيف والإحصاء للميليشيات المحلية والقوات الأجنبية على السواء بحضور وإشراف فرق من خبراء الأمم المتحدة والضامنين الدوليين.
وإضافة إلى تدشين مسار المصالحة الوطنية، فإن مؤتمر استقرار ليبيا يبحث أيضاً القضايا المتعلقة بآليات توحيد المؤسسات المالية، وأهمها المصرف المركزي، ورفع التجميد عن الأرصدة الليبية في الخارج، للاستفادة منها في مشروعات إعادة الإعمار والتنمية.