بقلم: السيد أمين شلبي – المصري اليوم
الشرق اليوم – للرئيس الأمريكي، جوزيف بايدن، صورة معبرة وبالغة الدلالة، تداولتها وسائل الإعلام يبدو فيها بايدن وهو مطرق الرأس يغطي وجهه بكلتا يديه ويستغرق في تفكير عميق. جاءت هذه الصورة بعد قراره الانسحاب من أفغانستان وتداعياته، خاصة في الداخل الأمريكي، فقد تعرض بايدن لسيل من الانتقادات حول قرار الانسحاب، الذي يحظى بتأييد شعبى، واتخذه من قبل كل من أوباما وترامب، ولكن كانت حول تنفيذ الانسحاب ومراحله ومستوياته ومدى التنسيق فيه مع الحلفاء الأوروبيين، ومدى التشاور فيه مع مستشاريه، بل مع وزير الخارجية والدفاع اللذين قيل إنه رفض نصحائهما، وكذا توقعات مجموعة الاستخبارات، وباختصار كان الهجوم على بايدن منصبا على إدارة الولايات المتحدة الأزمة في هذا السياق، فإن الذين تابعوا السياسة الخارجية الأمريكية خلال مرحلة الحرب الباردة والأزمات التي تعرضت لها، وكيف تعامل معها وأدارها رؤساء أمريكيون، سوف يتذكرون أزمة كبرى وضعت الولايات المتحدة على حافة مواجهة نووية مع القوة العظمى الأخرى، وهي الاتحاد السوفيتي، ونعني بها أزمة الصواريخ الكورية عام 1962، حيث اكتشفت الولايات المتحدة أن الاتحاد السوفيتي وضع صواريخ مضادة في كوريا، وعلى بعد 100 ميل من البر الأمريكي، يمكن أن تهدد واشنطن، وهو ما طلبت بسحبه وفرضت حصارا blockade على السفن السوفيتية المتجهة إلى كوريا.
وخلال 13 يوما من الأزمة كان كيندي يجتمع يوميا مع مجموعة من المستشارين في الأمن القومي، وكذلك مع أعضاء الكونجرس، حيث كانوا يتداولون حول خيارات السلوك الأمريكى وحول حصر الاختيار العسكري، والحرص على عدم إهانة خروشوف وعدم دفعه لتصعيد استجاباته، وإعطاء خروشوف منفذا للتراجع، وهو ما حدث، حيث انسحبت الصواريخ السوفيتية مقابل وعد بألا تتعرض أمريكا لنظام حكم كاسترو.
منذ هذا التاريخ أصبح موضوع «إدارة الأزمات» crisis management شاغل الحكومات والمعاهد، بل تكونت داخل الوزارات مجموعة إدارة الأزمات.
ولم تكن مصر استثناء من هذا، خاصة بعد درس حرب 67، التي اتُخذت قراراتها الكبرى بشكل فردي وعشوائي، وتطور
الأمر إلى المطالبة بتشكيل «مجلس للأمن القومي»، تكون مهامه التداول حول القضايا الإقليمية والدولية التي تحيط بمصر، والتوصية بأسلوب التعامل معها، وقد استجاب دستور عام 2014 لهذا المطلب، ونص على تأسيس «مجلس للأمن القومي»، وصدر قرار بتشكيله، غير أننا تحفظنا على هذا التشكيل على صفحات «المصري اليوم»، حيث رأينا أنه أشبه للجنة حكومية، وتمنينا أن تُعتمد قاعدته، لكى يضم خبراء في الأمن القومي يناقشون، بشكل منتظم، القضايا الإقليمية والدولية التي تواجه مصر، والتوصية بكيفية التعامل معها، ومع تعمق وتعقد الأزمات تزداد الحاجة إلى مثل هذا التشكيل.