بقلم: سيباستيان سترانجيو
الشرق اليوم- أعلن وزير الخارجية الماليزي أن حكومته قد تبدي استعدادها لعقد محادثات مع حكومة الوحدة الوطنية المعارِضة في ميانمار، إنه أحدث مؤشر على استياء دول رابطة أمم جنوب شرق آسيا من مماطلة المجلس العسكري في تعامله مع اتفاق شهر أبريل المؤلف من خمس نقاط، حيث أدلى سيف الدين عبدالله بهذا التعليق في البرلمان منذ أيام رداً على سؤال من النائب وونغ تشن حول احتمال أن تتحاور ميانمار مع حكومة الوحدة الوطنية إذا أصرّ المجلس العسكري على منع المبعوث الخاص لرابطة أمم جنوب شرق آسيا من التكلم مع “جميع أطراف” الصراع، وهو جزء من النقاط الخمس المتفق عليها.
منذ استيلاء الجيش على السلطة في شهر فبراير، نظّم عدد من دول رابطة أمم جنوب شرق آسيا محادثات ضمنية وغير رسمية مع حكومة الوحدة الوطنية التي شكّلها أعضاء من الحكومة المدنية المخلوعة وممثلو الأقليات العرقية وقادة المجتمع المدني.
لكن كان تعليق سيف الدين أول مؤشر على رغبة إحدى حكومات جنوب شرق آسيا في التعامل مع حكومة الوحدة الوطنية رسمياً، فتعرّضت هذه الكتلة المؤلفة من عشر دول للانتقادات بعد رفضها دعوة تلك الحكومة إلى قمتها الخاصة بميانمار في أبريل، ففضّلت حينها التعويل على التواصل مع الإدارة العسكرية، وخوفاً من اعتبار تعليق سيف الدين في البرلمان مجرّد زلة لسان، قرر هذا الأخير إطلاق هذا الموقف بعد أيام على تصريح أدلى به غداة اجتماع افتراضي لوزراء خارجية رابطة أمم جنوب شرق آسيا في 4 أكتوبر، فعبّر حينها عن استيائه من إصرار المجلس العسكري على عدم التعاون لتنفيذ شروط الاتفاق، ثم قال إن إقصاء ذلك المجلس من القمة المقبلة للرابطة ممكن بسبب امتناعه عن التعاون.
من بين النقاط الخمس المتفق عليها، تتعلق إحدى المسائل بوقف أعمال العنف في ميانمار فوراً، وإطلاق حوار بنّاء بين “جميع الأطراف” سعياً لإيجاد حل سلمي، وتسليم المساعدات الإنسانية، وتعيين مبعوث خاص لرابطة أمم جنوب شرق آسيا لتنسيق الجهود الآنف ذكرها.
لكن لطالما حرص المجلس العسكري على المماطلة وتأخير تنفيذ الاتفاق، ولم تختر كتلة جنوب شرق آسيا المؤلفة من عشرة أعضاء وزير خارجية بروناي الثاني، إريوان يوسف، مبعوثا خاصا لها قبل شهر أغسطس، وفي الأسبوع الماضي أعلنت السلطات العسكرية أنها لن تسمح لإريوان بمقابلة الزعيمة المدنية المعتقلة أونغ سان سو كي التي تُحاكَم راهناً بسبب مجموعة من التُهَم الجنائية.
ادعى إريوان أنه يحاول تنظيم لقاء مع الزعيمة البالغة من العمر 76 عاماً والفائزة بجائزة نوبل، لكن عُرِض عليه حتى الآن مقابلة نائب الرئيس السابق، هنري فان ثيو، ورئيس مجلس النواب السابق، تي خون ميات، وفق مصادر موقع “ذا إيراوادي”، ورداً على سؤال حول عدم دعوة الحكومة إلى قمة رابطة أمم جنوب شرق آسيا، اعتبر المتحدث باسم جيش ميانمار، زاو مين تون، هذه المسألة جزءاً من “تعليقات سيف الدين الشخصية”، وقال إن تلك الدعوة ما كانت لتُحدِث فرقاً كبيراً بالنسبة إلى الحكومة في مطلق الأحوال، إذ يُعتبر أسلوب التحدي في الرد أحدث مؤشر على استعداد جيش ميانمار للتحرك وحده دفاعاً عن السلطة التي استولى عليها بطريقة كارثية، بغض النظر عن الخسائر البشرية أو المادية التي سيتكبدها أو تضرر سمعة البلد على الساحة الدولية.
لم يتّضح بعد مدى استعداد ماليزيا لإشراك حكومة الوحدة الوطنية أو منح أي دعم كبير لحكومة الظل، لكن في ظل المقاومة التي تزداد عنفاً ضد حُكم المجلس العسكري، يُفترض أن يفكر الجنرالات ملياً بخطوتهم المقبلة لأن الحكومات التي كانت مترددة سابقاً قد تبدأ بالتواصل مع خصومهم.