افتتاحية صحيفة “الخليج”
الشرق اليوم – يأخذ التوتر بين الصين وتايوان بعداً جديداً، وأكثر حدة في الذكرى الـ 110 للثورة؛ حيث أكد الرئيس الصيني، شي جين بينغ، أن «إعادة التوحيد مع تايوان يجب أن تتحقق بشكل سلمي»، لكنه حذّر من أن «الشعب الصيني لديه عادة مجيدة بمعارضة النزعة الانفصالية ويجب ألا يستخف أحد بالعزيمة الصلبة للشعب الصيني وفرادته الراسخة وقدرته على الدفاع عن السيادة الوطنية ووحدة أراضيه».
كلام الرئيس الصيني هذا موجه بالتحديد إلى الحكومة التايوانية وإلى الإدارة الأمريكية لأنهما بالنسبة للصين تقفان عائقاً أمام هدف استعادة وحدة الصين الذي تعتبره «واجباً تاريخياً»؛ إذ إن بكين ترى أن هناك في العالم صيناً واحدة، ومقر حكومتها المركزية في بكين، وأن تايوان هي جزء لا يتجزأ من الصين، ويمكن أن تحافظ تايوان على نظامها، كما هو حال هونج كونج في إطار ما يسمى «دولة واحدة ونظامان».
تايوان ردت على الرئيس الصيني بالقول: «إن من يقرر مستقبلها هو شعبها فقط»، لكن من الواضح أن الولايات المتحدة التي بدأت في السنوات الأخيرة تشجع تايوان على تحدي بكين من خلال تزويدها بالسلاح وإجراء مناورات عسكرية مشتركة معها، تحاول استخدام تايوان كورقة ضغط ضد بكين، أسوة بمحاولاتها تجميع حلفاء في المنطقة على خلفية الصراع على بحر الصين الجنوبي، وكانت آخر المحاولات في هذا الشأن «حلف إيكوس» مع كل من بريطانيا وأستراليا.
يذكر أن الولايات المتحدة رفضت الاعتراف بالصين الشعبية منذ قيامها عام 1949، واعترفت بنظام شيان كاي شيك في جزيرة تايوان، واستمر هذا الرفض لنحو ثلاثين عاماً، مرّت خلالها العلاقات بين واشنطن وبكين بمنعطفات خطِرة تجسدت في الحرب الكورية وحرب فيتنام، قبل أن تبدأ بالانفراج في عهد الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون، ثم بالاعتراف المتبادل عام 1979؛ حيث أقيمت علاقات دبلوماسية بين البلدين، واعترفت واشنطن بالصين الشعبية كممثل رسمي وحيد، وقطعت علاقاتها مع تايوان.
إلا أن واشنطن لم تقطع العلاقات كلياً مع تايوان، واحتفظت بعلاقات تجارية وثقافية معها، كما لا تزال أهم حليف أمني لتايوان، وذلك يشكل عقبة رئيسية أمام توحيد تايوان مع الوطن الأم، كما أنه يشكل بالنسبة لبكين خروجاً أمريكياً على الاتفاقات الموقعة بين البلدين في سبعينات القرن الماضي.
أخذ التوتر في الأسابيع القليلة الماضية منحى جدياً من التوتر بين الصين وتايوان في أعقاب قيام مدمرة أمريكية بعبور مضيق تايوان، واعتبرت بكين ذلك استفزازاً لها، وقامت بالمقابل بإجراء مناورات بحرية وجوية قبالة الساحل التايواني، شاركت فيها نحو 150 طائرة، في رسالة قوية ذات معنيين، الأول، أن بكين لن تتخلى عن استعادة تايوان حتى ولو استدعى الأمر استخدام القوة، والثاني أن التحالفات الذي تعمل واشنطن على تطويق الصين به لن يجدي نفعاً أمام سعي بكين المضي قدماً في طريق التنمية وتعزيز قدراتها الاقتصادية والعسكرية.