الرئيسية / مقالات رأي / عن القوى الكبرى واختلال العالم

عن القوى الكبرى واختلال العالم

بقلم: إميل أمين – صحيفة “الاتحاد”


الشرق اليوم – على عتبات العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين، يبدو العالم وكأنه على موعد جديد مع مرحلة من مراحل الاحتلال العضوي، فيما ملامح الحرب الباردة تسود الأجواء، بل تكاد تقترب من المواجهات الساخنة بين القوى القطبية المهيمنة على مقدرات الكوكب الأزرق، وفي مقدمها واشنطن، وموسكو، وبكين.
الاختلالات التي نحن بصددها تبدأ من الداخل، وتنطلق إلى الخارج، تبدأ من عند المطالب المنفلتة بشأن الهويات التي انفلتت من عقالها، ما يعني صعوبة استمرار أي تعايش متناغم، وانعدام أي نقاش حقيقي، ثم لا تلبث أن تمتد الأزمات إلى اختلال اقتصادي ومالي يجر الكوكب بأسره إلى منطقة من الاضطرابات المقلقة وبخاصة بعد ما خلفته جائحة كوفيد-19 من خسائر في البشر والحجر، وصولا إلى اختلال مناخي ناجم عن فترة من الممارسات الإنسانية غير المسؤولة من قبل أقوياء القرن إن جاز التعبير.
ما تجري به المقادير في العواصم الثلاث القطبية، يجعل اختلال العالم واقعَ حالٍ يتجاوز ما أشار إليه الأديب اللبناني الأصل الفرنسي الجنسية أمين معلوف، في كتابه الشهير الذي يحمل نفس الاسم الذي نوفق به عالمنا المعتل والمختل.
من قلب واشنطن نرصد حالة من التفكيك المجتمعي المثير للهلع، وهناك من كبار العقول الأميركية من يجزم بأن المواجهة الداخلية قريبة، لا سيما بعدما بدأ حديث الهويات يحتل موقعا متقدما على لائحة الخلافات الداخلية. الاختلال الأميركي يمتد ليطال الأوضاع المالية، وأزمة الديون محلقة فوق رؤوس الأميركيين والعالم من ورائهم. في هذا المجال يبدو الهروب إلى الأمام هو الحل، وبعبارة أشد وقعاً، العسكرة هي الحل، ولهذا رأينا تحالفات جديدة مثل «أوكوس» و«كواد» والبقية في الطريق.
الصين بدورها ليست بعيدة عن اختلال العالم، فمن جهة تهدد ردا على تسليح أستراليا بغواصات أميركية نووية من نوع فيرجينيا، وهو أمر يمكن تفهمه في إطار سياسة الردع النووي الأميركي – الصيني. غير أن ما يعمق اختلالات العالم ما يجري داخل الصين، وحدا ببعض المراقبين للتساؤل هل الأمر بداية انهيار اقتصادي عالمي؟
القصة ترتبط بانزلاق شركة «إيفيرغراند» أكبر الشركات الصينية في مجال التطوير العقاري نحو الإفلاس بخطى متسارعة، ما قد يؤدي إلى تكرار أزمة العقارات الأميركية عام 2008، لتصبح المحصلة النهائية اضطرابات في الأسواق العالمية. هل موسكو بدورها بعيدة عن مشهد الاختلالات ذاتها؟ لا يمكن أن يكون ذلك كذلك، ويكفي متابعة آخر أخبار البحرية الروسية التي اختبرت بنجاح صاروخ تسيركون الذي تفوق سرعته سرعة الصوت من الغواصة النووية سيفيرودفينسك للمرة الأولى، ما يعني أن سباقا نوويا عالميا، يتجاوز زمن صراع حلفي الناتو ووارسو قد انطلق. في إحدى روايات الأديب الروسي الكبير انطوان تشيكوف ترد العبارة التالية: «حين تقول في الفصل الأول لرواية أن هناك بندقية معلقة على الحائط، فإنها في الفصل الثالث على الأرجح لابد وأن تنطلق».

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …