افتتاحية صحيفة “الخليج”
الشرق اليوم – بعد أيام على الانقلاب الفاشل في السودان الذي وقع فجر 22 سبتمبر/أيلول الماضي، وما سبقه من أزمات سياسية واقتصادية تمثلت بوجود تعارضات داخل قوى الحرية والتغيير، ومع المجلس العسكري والحكومة حول طريقة إدارة السلطة وصولاً إلى نهاية المرحلة الانتقالية، برز تحدٍ جديد لم يكن في الحسبان، تمثّل بتنظيم «داعش» الإرهابي الذي طرق أبواب الخرطوم، وأدى إلى مواجهات دامية.
يبدو أن هذا التنظيم الإرهابي الذي كان غائباً عن المشهد السوداني، كان يقوم بعملية تنظيم سرية خلال وجود نظام البشير، وتحت غطاء جماعة «الإخوان المسلمين» التي قبضت على مفاصل السلطة السياسية والأمنية طوال ثلاثين عاماً، ومن المرجح أنها كانت تغض الطرف عن نشاطاته لاستخدامه وقت الحاجة.
يذكر، أنه في يونيو/حزيران الماضي تم القبض على 9 عناصر من تنظيم «القاعدة» كانوا يخططون لتنفيذ عمليات إرهابية، وهؤلاء من أصول تونسية وتشادية، ومعظمهم متهمون بالمشاركة في عمليات إرهابية، ودخل بعضهم إلى السودان بطرق غير شرعية لتلقي التدريب.
وكانت الخارجية الأمريكية حذرت في عام 2019 من وصول «داعش» إلى السودان، بعدما تقلص نفوذها في سوريا والعراق، وأشار التقرير الأمريكي آنذاك إلى أنه على الرغم من غياب الهجمات في السودان، يبدو أن «داعش» لديه «شبكة نشطة من المسهلين في السودان، كمقدمة لبناء قوة في إفريقيا خارج مناطق نفوذه السابقة في الشرق الأوسط، لإعادة ترتيب أوراقه».
الاشتباكات التي وقعت مؤخراً في أحياء جبرة والأزهري والهدى بالخرطوم بين خلايا «داعش» والقوات الأمنية، ووقوع قتلى من الجانبين، واعتقال عدد من الإرهابيين وفرار آخرين يحملون جنسيات أجنبية، هي مؤشر على أن هذا الظهور يمثل خطراً حقيقياً على مجمل الأوضاع في السودان، ويكشف مدى التنسيق الذي كان قائماً بين نظام البشير والجماعات الإرهابية، وكيف أن هذا النظام كان يوفر الملاذ الآمن لهم والحماية من الملاحقة.
يذكر، أنه مع بداية ظهور «داعش» في سوريا والعراق هرب عدد كبير من الشباب والشابات أغلبهم من طلاب الجامعات للالتحاق بالتنظيم هناك، وكان معظم الهاربين من «كلية العلوم الطبية» التي يملكها القيادي «الإخواني» مأمون حميدة، وقد قتل بعضهم هناك فيما عاد البعض الآخر، وخصوصاً الشابات، من دون اتخاذ أي إجراء بحقهم.
إن التحديات والمخاطر التي تواجه السودان، تستوجب من كل قوى الثورة (العسكريون والمدنيون) التوحد ورص الصفوف للحؤول دون العودة إلى الوراء، من خلال التنفيذ الكامل لمشروع الإنقاذ، لأن قوى الثورة المضادة متربصة، وتتحين الفرصة للعودة، خصوصاً أن أذرعها لا تزال ممتدة في مختلف مفاصل السلطة، ما يقتضي المزيد من اليقظة والحذر، والعمل على اجتثاثها من الجذور.