بقلم: يونس السيد – صحيفة “الخليج”
الشرق اليوم – أثارت الخلافات المتجددة داخل البيت الديمقراطي الأمريكي سعادة غامرة، دون شك، لدى الحزب الجمهوري وأنصار الرئيس السابق دونالد ترامب، وهم يراقبون الاقتتال بين الديمقراطيين حول خطة الرئيس جو بايدن الاقتصادية، وكيفية إقرارها في الكونجرس، بما تتضمنه من استثمارات ضخمة في البنية التحتية بقيمة 1.2 تريليون دولار والإنفاق الاجتماعي ب 3.5 تريليون دولار، وهي الخطة التي جعل منها بايدن مرتكزاً أساسياً لولايته.
ومع أن مجلس الشيوخ وافق في أغسطس/آب الماضي بأغلبية أصوات 69 سيناتوراً، بينهم 19 سيناتوراً من الحزب الجمهوري، على الشق المتعلق بتطوير البنية التحتية، إلا أن تمرير هذه الخطة اصطدم بمجلس النواب؛ حيث يتمتع الديمقراطيون بالأغلبية، بسبب الخلافات بين أعضاء الحزب الديمقراطي، وتحديداً بين اليساريين والمعتدلين، حيث يصر اليساريون على ربط جزئي الخطة معاً، والتصويت عليهما دفعة واحدة، بينما يريد الأعضاء الأكثر اعتدالاً أن يتمّ التصويت أولاً على مشروع قانون البنية التحتية، الذي يحظى بتأييد أكبر؛ كونه ينصّ على استثمارات في مشاريع منتجة، وأن يأخذوا مزيداً من الوقت لدرس وإقرار حزمة الإنفاق الاجتماعي.
وعلى الرغم من المحاولات المستمرة للديمقراطيين لحل الخلاف الذي يتمحور حول الأرقام والتعهدات، وقيام الرئيس بايدن بزيارة الكونجرس، سعياً للتوصل إلى حل وسط بين أجنحة الحزب، إلا أن كل الجهود باءت بالفشل، ما دفع رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي إلى تأجيل التصويت، مرتين، بشأن إقرار قانون البنية التحتية، حتى يتم تسوية الخلافات. عملية التأجيل، بحد ذاتها، فاقمت الخلافات بين الديمقراطيين، وأثارت غضب المحافظين، على وجه الخصوص، الذين انتقدوا عدم التصويت على الشق الأول من الأجندة الشاملة التي تمت صياغتها على مدار الأشهر الستة الماضية، معتبرين أن سياسة «الكل معاً أو لا شيء.. ليس وسيلة للحكم». لكن النواب اليساريين رحبوا بالتأجيل، بطبيعة الحال، معتبرين أن تكتيكاتهم القاسية ناجحة، وأن رفضهم دعم مشروع قانون البنية التحتية هو ورقة تفاوضية تستهدف عدم التصويت لصالحه قبل إقرار حزمة الإنفاق الاجتماعي.
والواقع، أن هناك في الحزب الديمقراطي من يرفض كلفة حزمة الإنفاق الاجتماعي البالغة 3.5 تريليون دولار، ومن ضمن هؤلاء السيناتوران المعتدلان جو مانشين وكيرستن سينيما، اللذان يدعوان إلى خفض قيمتها إلى 1.5 تريليون دولار، علماً بأنهما صوّتا لصالح مشروع قانون تطوير البنية التحتية في الكونجرس. وبالمقابل هناك أعضاء يساريون في مجلس النواب يصرون على رقم 3.5 تريليون دولار للإنفاق الاجتماعي، أو رقم قريب منه. وحقيقة الأمر، أن هذا الخلاف يضع بايدن وتاريخه الطويل في الحكم وطموحاته السياسية على المحكّ، ويقوّض فرص الديمقراطيين في الحفاظ على سيطرتهم على الكونجرس في انتخابات التجديد النصفي العام المقبل، بينما يراقب الجمهوريون بسعادة المعركة الداخلية الديمقراطية، ويستعدون لاستغلال كل الثغرات الممكنة لاستعادة أغلبيتهم المفقودة في الكونجرس، وتالياً استعادة البيت الأبيض، ما لم يضع الديمقراطيون حداً لمعاركهم الداخلية، ويتوصلوا إلى حلول وسط تبقي على حظوظهم في مواصلة السيطرة على الكونجرس والبقاء في سدة الحكم.