الرئيسية / مقالات رأي / “الإخوان” ورسالة التعليم في السعودية والخليج!

“الإخوان” ورسالة التعليم في السعودية والخليج!

بقلم: هيلة المشوح – الاتحاد الإماراتية

الشرق اليوم- في خطابه الموجّه لـ«جمعية الشبان المسلمين»، والذي نشر عام 1930 في مجلة «الشبان المسلمون»، يقول مؤسس جماعة «الإخوان» حسن البنّا: «الذي نريد أن نصل إليه أن فكرة الاستقلال بالتعليم عن النظام الحكومي فكرة خامرت الكثيرين من زعماء الإصلاح، فليس بدعاً أن نعرض بها اليوم وقد تكون الظروف الآن أشد ملاءمةً لهذه الغاية من ذي قبل».

وبالفعل عمل التنظيم على استقلال التعليم وفصله عن النظام الحكومي، لبسط نفوذ الجماعة وأفكارها على المنظومة التعليمية ككل، والتي تُختزل في هذه الجملة للبنّا في ذات سياق الرسالة الآنف ذكرها: «يجب أن نحدد غايتنا من تربية النشء تحديداً دقيقاً واضحاً حتى يمكننا معرفة الوسائل المؤدية إلى هذه الغاية».

وفي نوفمبر 1928 كلف الملك عبد العزيز، طيب الله ثراه، أحدَ مستشاريه، وهو حافظ وهبة، بانتداب بعض المعلمين من وزارة المعارف المصرية للتدريس في معاهد التعليم التي كانت ناشئة آنذاك في المملكة، فتم التنسيق بين مبعوث الملك مع محب الدين الخطيب (المستشار الفكري لحسن البنّا) الذي تواصل مع «جمعية الشبان المسلمين» لتساعده في اختيار المدرّسين، وهي الجمعية التي كان لها دور كبير في تصدير الفكر الإخواني، وكانت نواة لتصدير الكوادر الإخوانية عن طريق البعثات الدعوية والتعاقدات التعليمية في الخليج عامة والمملكة خاصة.

وفي الخمسينيات والستينيات الميلادية، وبعد أن أقصى الرئيس جمال عبد الناصر جماعة «الإخوان» إثر انكشاف مؤامراتها وسلسلة الاغتيالات السياسية والأعمال الإرهابية التي نفّذها جناحها العسكري («التنظيم السري»)، خاصةً حادثة المنشية عام 1954، وهي المحاولة الفاشلة لاغتيال الزعيم جمال عبدالناصر، وبعد أن اتسعت الهوة بين «الإخوان» والسلطات المصرية، وتنفيذ حكم الإعدام بحق منظّر الجماعة سيد قطب.. لجأ بعض أعضاء التنظيم إلى الخليج والسعودية في عهدي الملك سعود والملك فيصل، وتم قبول وجودهم في ظل الظروف السياسية والخلافات التي أحدثتها النزعة القومية والنظام الاشتراكي في مصر خلال تلك الحقبة، مما سهل قبول المنتمين للجماعة كأفراد، وليس قبولاً للتنظيم ذاته، وبشرط ألا يمس أي منهم بالهوية الدينية والسيادة الاجتماعية، وتم السماح لهم بالعمل في المؤسسات التعليمية، مع منعهم من مزاولة أي عمل سياسي، ما دفع الجماعة إلى القبول والعمل السري تحت مظلة التعليم.

من هنا، ومنذ عام 1937، بدأ التغلغل الإخواني، بشقيه البنَّائي والقطبي، في مفاصل التعليم السعودي، مما أخرج لاحقاً هجين «السرورية» التي تنسب إلى معلّم مادة الحساب السوري محمد سرور بن نايف زين العابدين الذي جاء إلى السعودية للعمل مدرساً عام 1385 للهجرة، وهو العام الذي أسس فيه تنظيمه الحركي («التنظيم السروري») الحاضن والمحرك الرئيس لحركة «الصحوة»، فضلاً عن بعض الشخصيات الحركية التي سبقت ذلك وذللت انتشار أفكار «الإخوان» داخل المدارس والجامعات على مدى عقود، وأسهمت وفقاً للمنهجية التي طبّقها قادة الجماعة الذين هاجروا إلى السعودية في إنتاج أجيال ممن حملوا فكرهم وساهموا بنشره بين طلاب العلم والشباب.

ومن تلك الشخصيات مناع القطان الأب الروحي للجماعة وأحد قياداتها في المملكة، ومحمد قطب الشقيق الأصغر لسيد قطب، وحسين كمال الدين الحسيني وعبدالله عزام وعبدالمحسن شربي وغيرهم. اليوم، وبعد عملية اجتثاث الفكر الإخواني في السعودية، شرعت وزارة التعليم في إعادة صياغة مناهجها التعليمية بما يتلاءم مع مرحلة جديدة تمحو أي أفكار حزبية متطرفة، وإبعاد كل مَن يتعاطف مع الجماعة أو يتستر تحت منهجها الخفي في أي منصب بالقطاع التعليمي، خاصة في الجامعات ذات التوجه الديني، في مهمة ليست يسيرة حيال فكر تغلغل في مفاصل التعليم منذ ما يزيد على ستين عاماً، بدءاً بالمناهج والنشاطات الصفية واللاصفية، وانتهاءً بجذب كثير من كوادر التعليم الأجنبية في فترات مختلفة والذين تحولوا إلى أدوات لبث هذا الفكر العابث المتشدد بين الطلاب في مختلف المراحل التعليمية.

وأخيراً، هناك مقولة للمعلم الأميركي ديريك بوك الذي كان يرأس جامعة هارفارد: «إذا كنت تعتقد أن العلم باهظ الثمن، فلتجرب الجهل»، وهو منهج استخدمه «الإخوان» بالمقلوب في نشر التجهيل الذي حاولوا تمريره لأكثر من ثلاثة عقود في المنطقة عامة وفي المملكة العربية السعودية خاصة!

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …