بقلم: وليد شقير – نداء الوطن
الشرق اليوم- لم تسعف المستجدات في الموقف الإيراني من أوضاع الإقليم، ولا مواقف “حزب الله” في لبنان تطلعات الحكومة اللبنانية الأخيرة كما جاءت على لسان رئيسها نجيب ميقاتي بأنه سيعمل على إصلاح العلاقة مع الدول العربية. كان ميقاتي يوحي بذلك بأنه لن يتكل فقط على الوسطاء الفرنسيين مع العواصم العربية.
لكن، وعلى رغم المراهنة على أن تنسحب نتائج التفاهم الفرنسي الإيراني الذي أدى إلى ولادة الحكومة الجديدة، على تسهيل مهمتها، يبدو من الإشارات الأولى لموقف إيران و”الحزب” أن كل خطوة تخطوها الحكومة ستحتاج الى تسوية أو تفاهم ما على الصعيد الإقليمي، يقود إلى إنجاحها سواء تعلق الأمر بالإصلاحات أو بالتفاوض على الحدود البحرية أو غيرها من العناوين التي على المؤسسات اللبنانية الرسمية معالجتها. كما تبين أن تأليف الحكومة شيء وإطلاق عجلة الدولة والاقتصاد شيء آخر.
فالجانب الإيراني يدرك أن الولايات المتحدة ودول الغرب تسعى للحؤول دون الانهيار الشامل في لبنان كي لا تتأثر أوروبا بحال اللاإستقرار التي سيسببها وخصوصاً الاندفاع نحو الهجرة اللاشرعية إليها، وأن هذا هو الدافع الراهن للاهتمام بإبقاء الحد الأدنى من مقومات العيش في البلد، حتى لا يحوّله الفقر المدقع إلى لقمة سائغة لطهران، إلا أنه يدرك جيداً أيضاً أن إبقاء قبضته حول عنق السلطات اللبنانية ثمنه الحؤول دون أن تتمكن الحكومة من القيام بالخطوات المطلوبة منها من أجل الحصول على الدعم المطلوب، سواء من دول الغرب أو من الدول العربية التي ما زالت تتعاطى مع البلد على أنه مسرح للنفوذ الإيراني.
فأن يعلن “الحزب” أن المواقف الغربية ولا سيما الأميركية ضده هدفها إضعاف المقاومة من أجل أخذ لبنان إلى “التطبيع مع إسرائيل وإهدار حقه في حدوده البحرية”، يعني استباق الضغوط عليه بخوض معاركه على الساحة اللبنانية على أساس الفرز بين من هم مع المقاومة وبين من هم مع إسرائيل. بذلك يقفز فوق كل العناوين التي تهم اللبنانيين هذه الأيام والمتعلقة بحياتهم اليومية، بما فيها النقمة ضد التهديدات التي أطلقها ضد القضاء العدلي في تحقيقاته حول انفجار مرفأ بيروت. وهو بذلك يتجاهل أيضاً اقتناع أوسع الشرائح بما فيها قطاع واسع من جمهوره، بأن تشبثه بالإمساك بالقرار السياسي عن طريق تحالفه مع الرئيس ميشال عون وصهره رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، يأخذ البلد إلى “جهنم” التي بشر بها رئيس الجمهورية.
واستباق مسؤول إيراني زيارة وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان بالمفاخرة بأن “حزب الله” أحد الجيوش الستة التي أنشأتها خارج أراضيها للدفاع عن إيران، لا يترك مجالاً للاعتقاد بأن أولوية “الحزب” في لبنان هي مساندة طهران والتصرف كأداة لها سواء في مفاوضاتها مع أميركا أو في صراعها معها.
وتهديد رئيس المجلس التنفيذي السيد هاشم صفي الدين بخوض معركة إخراج الأميركيين من الأجهزة اللبنانية، تمهيد لإعطاء الأولوية لخوض معارك لها أبعاد خارجية، على اهتماماته المحلية…
حين قال ميقاتي إن الحكومة “ستقوم بنفسها بكل الخطوات المطلوبة لاعادة وصل ما انقطع في علاقات لبنان مع الاخوة العرب”، قصد طمأنة دول الخليج إلى أنها ستكون ظهيراً للموقف العربي في مواجهة ما تتعرض له دول الخليج والسعودية من اعتداءات، وأن عدا ذلك لا علاقة للبنان وحكومته بما تقوم به إيران ضد الدول العربية وتحديداً الرياض. المحيطون به مقتنعون بأن الحكومة تضم تلاوين الوضع السياسي اللبناني لكنها لا تضم محازبين كي يتم تحميلها مسؤولية تصرفات هذا الحزب أو ذاك، وأنها من هذا المنطلق تلتزم التضامن العربي وموقف الجامعة العربية.
لكن ما يقوم به “حزب الله” متخطياً موقف رئيس الحكومة غير مقنع للدول العربية. فموقف “الحزب” موازٍ لإرسال الحوثيين المسيّرات إلى الأراضي السعودية. وهو موقف لا ينسجم مع ما يحكى عن إيجابيات معاودة المفاوضات الإيرانية السعودية الشهر الماضي في بغداد.