بقلم: عبدالله الجنيد – الاتحاد الإماراتية
الشرق اليوم- اختلف الجميع على شخص وشخصية الرئيس التونسي قيس سعيد، إلا أن الجميع ومن بينهم خصومه، يقرون بشجاعته السياسية حتى وإن كان حديث العهد بالسياسة. ويعد القرار الرئاسي رقم 80 لعام 2021، والذي تضمن تعليق العمل البرلماني ورفع الحصانة عن أعضائه ذلك بالإضافة إلى إقالة الحكومة، مثل خطوة تجاوزت كافة الافتراضات السياسية تونسياً وعربياً.
لم يتخذ القرار نتيجة رغبة الرئيس في الاستحواذ بالسلطة، وأبلغ دليل على ذلك أن كافة خصومه والمختلفين معه يمارس كلهم حق الاعتراض على القرار، وبما يضمنه الدستور من حق التعبير عن الرأي، بل إن ذلك أسهم في استفزازهم بشكل غير مسبوق وخصوصاً من حزب «النهضة» (الإخوان المسلمين).
وتعد حالة التفسخ التي يعيشها الحزب، من الاستقالات الجماعية، إلى تراجع مستوى حضورهم الشعبي، قد يمثل دخول الحزب حالة الاحتضار السياسي شعبياً. وتعد خطوة إعادة تشغيل الخطوط الرئيسية ضمن الشبكة الوطنية للسكة الحديد أحد المشاريع التي عكف الرئيس على تنفيذها، والتي كان الهدف منها إعادة الثقة في المؤسسات الوطنية، والتي تم الإضرار بها لأهداف سياسية. رغم تأخر الكثير من الاستحقاقات الوطنية، إلا أن تونس الآن في طور الانعتاق من المراوحة السياسية الإخونجية، وبدء مرحلة الانتقال السياسي والاجتماعي التي طال انتظارها تونسياً.
وسوف يتوجب على الأحزاب التونسية إعادة تقييم نتائج حالة التخندق الحزبي، وخصوصاً الأيديولوجي منها خلال فترة تسلط «النهضة» على العملية السياسية بما في ذلك ما أنتجته من أحزاب رديفة لمشروعها السياسي. نجاح عملية الانتقال بكل ما تشمله من تفاصيل، وأولها إعادة تحفيز الاقتصاد وتخليق فرص جاذبة لرؤوس الأموال الوطنية والخارجية، سوف يكون المُسرع الأول المطلوب. كذلك تنمية القطاعات الاقتصادية متقادمة البنية، وتونس تمتلك رأس المال البشري القادر على دعم عملية التحول والإصلاح المطلوبين وطنياً.
كما أن تكليف نجلاء بودن من قبل الرئيس سعيد بتشكيل حكومة قد تكون انتقالية، يحتوي أكثر من رسالة سياسية، فالمرأة التونسية كانت عنوان مناهضة مشروع حزب النهضة (الإخوان) لفترة طويلة، لذلك قد يسعى الرئيس لتحويل المرأة لثقل سياسي وازن في العملية السياسية التونسية. عودة الاستقرار السياسي لعموم الشمال الأفريقي العربي حيوي، واستقرار تونس سياسياً سوف يسهم في التخفيف من أعباء عودة الاستقرار لمحيطها السياسي. وكذلك سيحفز جوارها على الضفة الأخرى من المتوسط على إعادة تقدير موقفهم من حيوية استقرار عموم المتوسط.