الرئيسية / مقالات رأي / هدنة لا سلام

هدنة لا سلام

افتتاحية صحيفة “الخليج”

الشرق اليوم – على الرغم من أن الحرب الكورية انتهت قبل 71 عاماً، فإن جمر تلك الحرب التي قضت على أكثر خمسة ملايين إنسان ما زال تحت رماد هدنة هشة، لم تتحول بعد إلى سلام بين الأخوين اللدودين اللذين فشلا خلال سبعة عقود في التوصل إلى معاهدة تعيد المياه إلى مجاريها، وتوصل ما انقطع بين ملايين الأسر الواحدة التي تفصل بينها منطقة منزوعة السلاح عند خط العرض 38 الفاصل بين كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية.

مياه كثيرة جرت خلال هذه الفترة الزمنية الطويلة تخللتها اشتباكات حدودية برية وبحرية، وتهديدات بالحرب والإبادة، ومناورات عسكرية تحاكي الحرب الحقيقية، وتجارب على أسلحة نووية، وأخرى تقليدية متطورة، وتهديدات أمريكية لكوريا الشمالية، وفرض حصار اقتصادي عليها، وعقوبات دولية لم تُجد في حمل قيادة بيونج يانج على الرضوخ.

كما جرت محاولات متعددة للتخفيف من حدة الصراع في شبه القارة الكورية، في محاولة للتوصل إلى صيغة اتفاق تضع حداً لهذا الخطر الماثل الذي يهدد السلام والأمن في المنطقة والعالم، وعُقدت لهذه الغاية العديد من القمم بين قادة ومسؤولي البلدين، وبين قادة كوريا الشمالية والولايات المتحدة، آخرها ثلاث قمم عقدت بين الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، والزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون، تم إحباط نتائجها بسبب خلل في فهم مطالب الجانبين التي كانت تسعى لإقناع بيونج يانج بالتخلي عن برنامجها النووي ووقف تجاربها الصاروخية.

كما فشلت محاولات سابقة في عهد الرئيس الأمريكي بيل كلينتون، من خلال مفاوضات شاركت فيها الصين عام 1994، ثم في زيارة قامت بها وزيرة الخارجية آنذاك مادلين أولبرايت إلى بيونج يانج في الأسبوع الأخير من أكتوبر/تشرين الأول 2000.

كانت الحرب الكورية قصيرة (1950-1953) لكنها كانت دموية، قتل فيها أكثر من خمسة ملايين إنسان أكثر من نصفهم من المدنيين الذين شكّلوا 10% من مجموع سكان الكوريتين، فيما قتل نحو 40 ألف عسكري أمريكي وجرح أكثر من 100 ألف.

وسط كل هذه الأجواء الملبدة بغيوم الحرب، دعا الرئيس الكوري الجنوبي مون جيه إن، في خطاب له قبل أيام أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، الكوريتين وحلفاء البلدين (الولايات المتحدة التي تدعم بلاده)، و(الصين التي تدعم الجارة الشمالية)، ل«إعلان إنهاء الحرب بصورة رسمية، وإحلال السلام في شبه الجزيرة».

لم يكن رد كوريا الشمالية سلبياً، لكنه كان حذراً وجاء على لسان كيم يو جونج «الشقيقة الحديدية» للزعيم الكوري الشمالي؛ إذ أعلنت أن كوريا الشمالية «يمكن أن تعلن إنهاء حالة الحرب رسمياً، كما يمكن أيضاً مناقشة عقد قمة بين بين سيؤول وبيونج يانج، إذا تعاملت كوريا الجنوبية مع جارتها الشمالية بالإنصاف والاحترام المتبادل، والتوقف عن الاستفزازات»، في إشارة إلى المناورات العسكرية مع الولايات المتحدة.

إنها مجرد نافذة أمل قد تفتح رياح التغيير وتحوّل الهدنة إلى اتفاق سلام.

شاهد أيضاً

حكومة نتنياهو..تأزم داخلي وتجاذب خارجي

العربية- طارق فهمي الشرق اليوم– تواجه الحكومة الإسرائيلية أزمة جديدة متعلقة بتسريب معلومات أمنية تورط …