بقلم: ديفيد فيلبو
الشرق اليوم- ميزان القوة غير واضح للعيان بعد الخروج من الانتخابات الألمانية، إلا إذا تم تقسيم البلاد إلى معسكرين، مما يجعل كفة اليسار تبدو أثقل في الميزان الانتخابي من كفة اليمين.
إن نتائج التصويت لليسار واليمين لم تكن قط أكثر تقاربا مما هي عليه اليوم، وذلك منذ أول انتخاب للمستشارة أنجيلا ميركل عام 2005، حيث ظل حزبا الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد المسيحي الاجتماعي -اللذان يديران البلاد- يمثلان ثلثي الناخبين، إلا أن تصويت أمس الأحد منحهما نصف الأصوات فقط.
وسيؤدي انخفاض الأصوات التي حصل عليها الحزبان إلى فتح اللعبة للدخول في تحالف ثلاثي، وربما رباعي، إذا فاز تحالف بين حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي مع البافاريين في الاتحاد المسيحي الاجتماعي، وأنصار البيئة، وليبراليي الحزب الديمقراطي الحر.
وإذا اكتفى التحليل باستطلاعات الرأي الأولى التي لا تزال قليلة الدقة، فستكون هناك 5 سيناريوهات محتملة، خاصة وأن “كل شيء لا يزال ممكنا، ولا شيء مستبعد باستثناء مشاركة اليمين المتطرف”، كما يرى فرانك باسنر من المعهد الفرنسي الألماني في لودفيغسبورغ.
ويجمل التقرير السيناريوهات المحتملة في الملخص التالي.
أولا، “التحالف الكبير”، سواء كان بقيادة الاتحاد الديمقراطي المسيحي أو الحزب الديمقراطي الاشتراكي، محكوم عليه باللجوء إلى العجلات الاحتياطية إذا فشلت التوليفات الأخرى، وهي حالة لا يحبذها الناخب الألماني، حسب استطلاع أجرته مؤسسة “سيفي” الأسبوع الماضي.
وفي ضوء الأرقام المعلنة، يجب أن يسمح تجمع جميع قادة الأحزاب على الهواء مباشرة على شاشة التلفزيون بتشريح لهجة التصريحات والمصالحات، قبل أن تبدأ المناقشات الموضوعية في وقت لاحق من هذا الأسبوع، ويتوقع المحلل السياسي ألبريشت فون لوكي وبعض المراقبين أن تكون سريعة.
وينطلق فون لوكي من التراجع التاريخي الذي سجله الديمقراطيون المسيحيون، وهو أسوأ نتيجة في تاريخهم، مشيرا إلى أن النتائج إذا أدت إلى وضع الاتحاد الديمقراطي المسيحي في المركز الثاني، فسيبقى هناك تحالف واحد محتمل، لأن الاتحاد الديمقراطي المسيحي لن يكون كما لم يكن من قبل “النادل للطباخ الاشتراكي”، واستبعد فون لوكي السيناريو الثاني.
وحذر هذا المحلل السياسي من أن المركز الثاني لا يعني بالضرورة الهزيمة، حيث تمكن الحزب الاشتراكي الديمقراطي في أعوام 1969 و1976 و1980 من بناء ائتلاف دون الفوز في الانتخابات، وذلك هو السيناريو الثالث، إلا أنه -كما تذكر أستاذة الاتصال السياسي أندريا روميلي- “كان بسبب أن الحزب الاشتراكي الديمقراطي والحزب الليبرالي في ذلك الوقت كانا قد نسقا حملة لتقاسم السلطة”.
الضغط على الليبراليين
غير أن الأمر مختلف هذه المرة لأن المرشحين الاجتماعيين الديمقراطيين والبيئيين أعربوا في المناظرتين المتلفزتين الأخيرتين علانية عن رغبتهم في توحيد الصف، خاصة وأنه من الصعب تجاهل التفويض الممنوح للخضر بتحصيلهم أفضل درجاتهم، وإن كانت الأغلبية ممكنة من الناحية الحسابية دون استدعائهم، ليكون ذلك ضمن السيناريو الرابع.
وترى أندريا روميلي أن “زعيم الحزب الاشتراكي أولاف شولتز سوف يفضل تحالفا مع الخضر والليبراليين في السيناريو الخامس، لأن مواقف اليسار المتطرف المناهضة لحلف الناتو (NATO) لا يمكن التوفيق بينها وبين مواقفه، كما أن الحزب الديمقراطي الحر لديه خطوطه الحمر ضد زيادة الضرائب على الميسورين، ولكنه “تحت ضغط كبير ولا يمكنهه تحمل إفساد المفاوضات، لأن مصداقيته تعتمد على ذلك”.
وتقول كلوديا ميجور، التي ترأس قسم الأمن والسياسة الدولية في مركز أبحاث ببرلين: إن “أحزاب الائتلاف الجديد لن تعمل معا على المستوى الفدرالي أبدا قبل طرح مشروع التحالف على أنصارها للتصويت، لذلك ستكون هناك مرحلة تعلم، تتطلب الكثير من الصبر من جانب الألمان ومن جانب الشركاء”.
المصدر: الجزيرة