الرئيسية / مقالات رأي / Foreign Policy: الصين قوة في تراجع وهذا ما يهدد بإشعال حربها ضد أميركا

Foreign Policy: الصين قوة في تراجع وهذا ما يهدد بإشعال حربها ضد أميركا

By: Hal Brands & Michael Beckley

الشرق اليوم – إن على الولايات المتحدة الاستعداد لخوض حرب كبرى مع الصين، ليس لأن خصمها قوة صاعدة، بل لأن قوة بكين تتراجع.

إن القوى العظمى عادة ما تخوض حروبا كبرى بسبب التنافس على الهيمنة، وذلك عندما تتحدى قوة صاعدة النظام القائم الذي وضعته القوة الكبرى المهيمنة، الأمر الذي يقود إلى دوامة من الخوف والعداء تكون نتيجتها شبه الحتمية الصراع بين تلك القوى.

وقديما كتب المؤرخ الإغريقي ثوسيديدس (Thucydides) “إن نمو قوة أثينا، الذي رأت فيه سبارتا ناقوس خطر، جعل الحرب (بين الطرفين) أمرًا حتميا”، إن تلك النظرية تعد الآن تفسيرا بديهيا للعداء بين الولايات المتحدة والصين.

وقد أسقط غراهام أليسون عالم السياسة الأميركي في جامعة “هارفارد” (Harvard University) تلك النظرية -التي تعرف بـ”فخ ثوسيديدس”- على الصراع الأميركي الصيني، حيث يرى أن خطر نشوب حرب بين الطرفين سيرتفع بشكل كبير عندما تتفوق الصين الصاعدة على أميركا المترهلة.

إن الاعتقاد السياسي السائد مع تصاعد التوتر بين واشنطن وبكين هو أن السبب الأساسي لذلك التوتر هو الصراع على الهيمنة على العالم في ظل “انتقال القوة” الذي يلوح في الأفق. ولكنّ ذلك الاعتقاد خاطئ، حيث أن هناك بالفعل فخا قد يوقع بين أميركا والصين، لكنه ليس نتاجا للصراع الناجم عن انتقال القوة من طرف إلى آخر، بل يعود إلى التراجع الوشيك للصين -وليس الولايات المتحدة- الذي قد يتسبب في انهيارها بشكل مفاجئ.

ويقول الكاتبان اللذان ألفا كتابا مشتركا سيصدر قريبا بعنوان “منطقة الخطر: الصراع القادم مع الصين” (Danger Zone: The Coming Conflict with China)، إن معطيات التاريخ على مدى الـ150 عاما الماضية تؤكد أن القوى العظمى التي تنمو بشكل أسرع من متوسط النمو العالمي، ثم تعاني فيما بعد تراجعا حادا وطويل الأمد، لا تختفي بهدوء، بل تصبح متهورة وعدوانية. كما أن أخطر مسار في السياسة العالمية هو الصعود الكبير الذي يتبعه تراجع حاد محتمل.

ولتفسير تراجع الصين وما قد ينجم عنه من مواجهة بينها وبين الولايات المتحدة، يقول الكاتبان “تخيل الآن سيناريو مختلفا، هناك دولة غير راضية عن واقعها، تبني قوتها وتوسع آفاقها الجيوسياسية. وبعد ذلك تصل إلى الذروة وتبدأ في التراجع، قد يكون ذلك بسبب تراجع اقتصادها، أو قد يعود إلى أن تصميمها أدى إلى خلق تحالف من منافسيها الجادين، أو ربما بسبب اجتماع العاملين معا. فيتراءى لها المستقبل بمظهر مزعج، ويحل الشعور بالخطر الوشيك محل الشعور بالإمكانيات غير المحدودة. وفي ظل هذه الظروف، قد تتصرف السلطة الساعية إلى تصحيح المسار بجرأة وقوة للاستيلاء على ما يمكنها الاستيلاء عليه قبل فوات الأوان”.

إن ذلك ما ينبغي أن يثير قلق الولايات المتحدة بشأن الصين اليوم، القوة العظمى الطموحة التي وصلت إلى الذروة وترفض تحمل العواقب المؤلمة للتراجع.

وهناك جوانب من مظاهر تراجع قوة الصين على مستويات عديدة من بينها الاقتصاد والنمو الديمغرافي.

حيث أن الصين حققت اكتفاء ذاتيا منذ السبعينيات وحتى العقد الأول من القرن الـ21، في مجالات عديدة منها الغذاء والماء وموارد الطاقة، وكانت تمتلك أكبر قوة ديمغرافية في التاريخ، حيث كان هناك 10 مواطنين صينيين بالغين في سن العمل مقابل كل مواطن مسن يبلغ 65 عامًا فما فوق. وهو رقم كبير مقارنة بأغلب القوى الاقتصادية الكبرى التي يكون المتوسط فيها 5 بالغين في سن العمل مقابل كل مواطن مسن.

لكن منذ أواخر العقد الأول من القرن الـ21، توقفت العوامل التي كانت تدفع بالصين نحو الأعلى، أو تقهقرت بشكل كامل. فالموارد الطبيعية التي تعتمد عليها الصين، على سبيل المثال، بدأت تنفد. وتعاني الصين الآن شحا في الموارد المائية، كما أصبحت الصين تستورد الطاقة والغذاء أكثر من أي دولة أخرى، بعد أن دمرت مواردها الطبيعية.

ونتيجة لذلك أصبح النمو الاقتصادي أكثر تكلفة؛ إذ تشير التقارير إلى أن تحقيق وحدة نمو يتطلب اليوم ثلاثة أضعاف ما كان عليه في أوائل العقد الأول من القرن الـ21.

كما تعتبر الصين الآن على شفا هوة ديمغرافية؛ حيث تشير التقديرات إلى أنها ستفقد 200 مليون من مواطنيها البالغين في سن العمل في الفترة ما بين 2020 و2050، سيصبحون مسنين بحلول التاريخ المذكور آنفا، وهو ما يضاهي عدد سكان نيجيريا.

إن الصين التي تعيش تراجعا اقتصاديا وتواجه مقاومة عالمية متزايدة لنفوذها، ستجد صعوبة كبيرة في إزاحة الولايات المتحدة عن عرش قيادة العالم، لكن مصدر القلق هو أن التاريخ يحذر العالم من أن بكين ستتصرف بجرأة أكبر عندما تصل مرحلة التراجع، وستندفع خلال العقد القادم للحصول على جوائز إستراتيجية طال انتظارها قبل أن تتلاشى ثرواتها.

والأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن الصين قد تميل إلى استخدام القوة لحل قضية تايوان وفقا لشروطها الخاصة خلال العقد المقبل، مما يهدد بنشوب حرب بينها والولايات المتحدة.

ترجمة: الجزيرة 

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …