بقلم: أ.د. محمّد عبد الرّحيم سلطان العلماء – صحيفة “البيان”
الشرق اليوم – بمباركة مباشرة، واعتماد رسمي من صاحب السموّ الشيخ خليفة بن زايد آل نهيّان رئيس الدولة، حفظه الله، أعلن صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبيّ، رعاه الله، وبمشاورة حكيمة مع صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيّان وليّ عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، تشكيل الحكومة الجديدة، التي ستنهض بأعباء التأسيس، والانطلاق الواثق نحو مرحلة الخمسين القادمة، تحت وسْم «مشاريع الخمسين»، حيث تراهن الدولة على تحقيق قفزة حضارية تليق بالطموحات، وتحقق جميع المشاريع التي تخطط لها الدولة في المرحلة المقبلة، التي سبق الإعلان عنها قبل مدة قليلة، لتكون هذه الخطوة، هي الشروع الفعلي في التنفيذ، مصحوباً ذلك كله بإصرار واثق على تغيير النهج في الأداء الحكومي، الذي سيكون بحجم التحديات، وليكون ذلك استكمالاً لمسيرة رائعة من الإنجاز، الذي تمّ التخطيط له وتنفيذه خلال السنوات العشر الماضية، من خلال «رؤية الإمارات 2021»، التي حقّقت للوطن حزمة ضخمة من الإنجازات، التي تمثلت في احتلال مراكز متقدمة جدّاً في المؤشرات التنموية على المستوى العالمي، فضلاً عن المستوى الإقليمي، لتظلّ مسيرة الدولة واثقة الخطى، وهي تسير نحو أهدافها، بفضل هذه المتابعة الحثيثة من القيادة، وطرح المبادرات القادرة على تجديد شباب الدولة، وإعادة ترتيب الأولويات، ضمن إيقاع الظروف العامة والخاصة.
واحتفاء بهذه الخطوة الهامة في هذه المرحلة الحاسمة من مسيرة الدولة، في أعقاب جائحة «كورونا»، وهبوب رياح العافية على الوطن، نشر صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد، هذه الأخبار السارة، على حسابه في تويتر، تعبيراً عن مدى اهتمامه بقضايا الوطن، وحرصه البالغ على مخاطبة مواطنيه، بكل ما من شأنه أن يدخل البهجة والسعادة إلى قلوبهم، وبما يُعبّر عن تلاحم القيادة والحكومة، وعمق اهتمامها بمسيرة البناء والإعمار، وقدرتها على استشراف المستقبل، من خلال خطط مدروسة، تبتعد عن الارتجال والعفوية في اتخاذ القرارات، ورسم معالم المستقبل للوطن وأبنائه.
ويلحظ المتأمل في هذه التغريدات لصاحب السموّ، أنّ هناك ترتيباً مقصوداً في طريقة عرضها، حيث اشتملت التغريدة الأولى على تشكيل الحكومة الموقّرة، مع تضمينها العبارة المرشّحة لما بعدها من تغريدات، حيث قال صاحب السمو: «ومع التشكيل الجديد، نعلن أيضاً عن منهجية جديدة للعمل الحكومي الاتحادي للخمسين عاماً الجديدة»، ولعلّ آخر كلمة في هذا المقطع من كلام صاحب السموّ، هو الذي يشتمل على المغزى العميق لهذه التغريدة، حيث ختمها بقوله: «الجديدة»، ولم يقل «القادمة»، في إشارة من سموّه إلى أن النظرة القادمة للمرحلة القادمة، ليست مرتبطة بمفهوم الزمن، بل بمفهوم التجديد، وخلق نوع جديد من الوعي داخل مؤسسات الدولة، من حيث تغيير نمط الأداء الحكومي، فهي مرحلة جديدة، بكل ما تنطوي عليه هذه الكلمة من دلالات، وما تشتمل عليه من تحديات، فالتجديد في جوهره، يعني تقديم رؤية جديدة للعمل، بموازاة إنجازات نوعية، تتفوّق على جميع المراحل السابقة، وهو ما سيذكره صاحب السمو في التغريدة الثانية، حيث خصّصها للحديث عن المنهجية الجديدة، وكونها تطويراً للمراحل السابقة من مسيرة الدولة، حيث قال: «المنهجية الجديدة تأتي مع إنجاز خطتنا السابقة (رؤية الإمارات 2021)، والتي حققنا خلالها طموحاتنا للعشر سنوات السابقة»، ليكون ذلك تأكيداً على أنّ هناك مسيرة متنامية في العمل والإنجاز، وأن الخطط تسير في طريق التكامل ومواصلة البناء، فما تمّ إنجازه في الخطة السابقة، سيتم استثماره ومواصلة البناء عليه، وتجاوز ثغراته إذا كانت موجودة، فالدولة الناضجة إدارياً، هي التي تتكامل فيها حلقات التخطيط والتنفيذ، ولا تبدأ مشاريعها دائماً من نقطة الصفر.
واعتزازاً بمنجزات المرحلة السابقة، أكّد صاحب السمو أنّ الإمارات قد حققت حضوراً باهراً على المستويين الدولي والإقليمي، فالإمارات، بحسب عبارة صاحب السموّ «تتصدّر العالم في 100 مؤشّر تنموي، وتتصدر المنطقة في 470 مؤشّراً حكومياً واقتصادياً وتقنياً، وتدخل الخمسين الجديدة بطموحات عالمية جديدة»، فصاحب السموّ حريص جداً على تعزيز الروح المعنوية لفرق العمل في جميع المراحل، وترسيخ مكاسب الدولة خلال مسيرتها التنموية، وبثّ روح الأمل والعزيمة، لمواجهة المرحلة القادمة، ضمن منظور يطمح إلى تحقيق مكاسب عالمية، ما يستدعي بذل أقصى طاقة وجهد، للوصول إلى الأهداف المرسومة بكل جرأة وتصميم.
ثم كانت التغريدة الثالثة، التي أفصح فيها صاحب السموّ عن الحاجة الماسة إلى التغيير، لا سيّما في أدوات التنفيذ، فالتغيير في الرؤية والأداة، هو الكفيل بالخروج من دائرة الروتين، التي يقلّ معها منسوب الإبداع والتجديد، وكم يحرص صاحب السموّ على تبديد كل مظاهر الكسل والخمول في الروح الإنسانية، ليحرص بالمقابل على تجديد الدماء الشابة في عروق العاملين في بناء الوطن، لا سيّما فريقه القريب منه، ومن هنا، تكلّم باسم الجميع في هذه التغريدة، حين قال: «نحن بحاجة لتغيير أدوات التغيير التي نستخدمها»، ثمّ وضّح ذلك بقوله في تحديد المنهجية الجديدة للحكومة، بقوله: «المنهجية الجديدة لعمل الحكومة، سنعتمد عليها لتسريع المنجزات، وتحديد الأولويات، واعتماد المشاريع والميزانيات، ونطالب جميع المؤسسات الاتحادية، بالعمل بها والالتزام بالتحوّل نحوها»، ففي هذا المقطع من التغريدة، بيان واضح ومحدد، لجوهر التغيير المنشود، فالحكومة القادمة، أمام مسؤوليات واضحة محددة، تقوم على هذه الثلاثية، التي ذكرها صاحب السموّ بكل شفافية ووضوح: «تسريع المنجزات، وتحديد الأولويات، واعتماد المشاريع والميزانيات»، لتكون هذه الكلمات، بمثابة خارطة طريق يهتدي بها جميع المسؤولين، الذين طالبهم صاحب السمو في ختام التغريدة، بالالتزام بمضمون الرؤى الجديدة للحكومة، والعمل على التحوّل نحو منطلقاتها.
ومن بين أهمّ المناصب التي طالها التشكيل الجديد للحكومة، إسناد منصب نائب رئيس مجلس الوزراء ووزارة المالية، إلى سمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم، الذي تمرّس بفنون الإدارة تحت عين والده، فكان إسناد هذه المهام الجديدة إليه، مكسباً كبيراً للوطن، عبّر عنه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد بقوله: «مكتوم سندٌ وعضدٌ وذُخرٌ، وسيضيف لحكومة الاتحاد الكثير، وسيطوّر آليات العمل، لتواكب طموحاتنا الجديدة»، وبأخلاق القائد الكبير، أثنى صاحب السمو على جهود الوزراء السابقين، الذين غادروا الفريق الوزاري إلى مهام جديدة في خدمة الوطن، ليكون هذا اليوم، واحداً من أيام الوطن السعيدة، التي تليق ببلد الخير والعطاء، الإمارات، في ظل هذه القيادة الساهرة على مصالح البلاد وراحة العباد، سائلين المولى سبحانه، أن يحفظ بلادنا وقادتنا من كل سوء، وأن تظلّ وديعة زايد في الأيدي الأمينة، التي تصون العهد، وتحفظ مجد البلاد، وترفع شأنها بين الأمم والشعوب.