بقلم: يونس السيد – صحيفة الخليج
الشرق اليوم- مع اقتراب موعد الانتخابات العراقية المبكرة في العاشر من الشهر المقبل، أو ما يُطلق عليه البعض “الاستحقاق التشريني” نسبة إلى حراك تشرين الأول/أكتوبر 2019، يحتدم التنافس بين المراهنين على التغيير وإخراج البلاد من سلسلة أزماتها المتراكمة، على كل المستويات، والقوى والأحزاب المتنفذة التي تسعى إلى المحافظة على نفوذها وامتيازاتها، وتعمل على عرقلة طموحات العراقيين وإحباطهم، بالترويج لعدم وجود أي إمكانية أو أفق للتغيير.
أكثر من ثلاثة آلاف مرشح من مختلف الفئات والقوى والتوجهات يتنافسون في هذه الانتخابات التي ستجري وفق قانون انتخابي جديد يعتمد الدوائر المتعددة بدلاً من الدائرة الواحدة، وبعد تغيير مفوضية الانتخابات، وفي ظل إشراف ورقابة أوروبية وأممية، وهي تغييرات أجرتها حكومة مصطفى الكاظمي بناء على مطالب “الحراك التشريني”، ما أثار حفيظة القوى والأحزاب المتنفذة خوفاً من فقدان مصالحها وامتيازاتها، ودفعها للقيام بالكثير من محاولات إسقاط هذه الحكومة عبر تحميلها مسؤولية كل الكوارث والأخطاء المتراكمة للحكومات المتعاقبة منذ عام 2003.
ومع أن هذه الأحزاب والقوى هي من يمتلك المال والنفوذ، وتستطيع الإنفاق الهائل على الحملات الدعائية وإقامة الولائم وشراء الأصوات، إلا أنها هي من باتت تروج لمقاطعة شعبية واسعة للانتخابات، باعتبار أنه لا فائدة منها، وأنها لن تأتي بالتغيير المنشود، في تعبير هو الأوضح عن مخاوف تلك الأحزاب والكتل المتنفذة من قوى الحراك والأغلبية الصامتة التي تتمسك بحلم التغيير، والتي تجد الفرصة مؤاتية لها لتوجيه ضربة قاسمة للمتنفذين، وانبعاث عراق جديد يجسّد “وطن” العراقيين جميعاً من دون طائفية ولا مذهبية، ويحقق أحلامهم في العيش بكرامة في ظل نظام تسوده العدالة والديمقراطية وحقوق الإنسان.
وسط احتدام الصراع والتنافس، تبرز قضية التحالفات بين الأحزاب والكتل السياسية المختلفة، والتي من شأنها التأثير ليس فقط على نتائج الانتخابات، وإنما على مستقبل العراق في المرحلة القادمة. صحيح أن قيادات الصف الأول أحجمت عن الترشح للانتخابات البرلمانية، إلا أنه ينظر للتحالفات المرتقبة بكثير من الحذر، خاصة وأنه سيكون لها تأثيرها المباشر على صراع آخر، ضمن التنافس الحالي، يتعلق بتدوير الرئاسات العراقية ( الجمهورية والحكومة والبرلمان)؛ إذ إن هناك مطالبات من جانب المكون السني بأن يتبادل منصب رئاسة الجمهورية مع المكون الكردي الذي ستؤول إليه رئاسة البرلمان، باعتبار أن العراق عربي، فيما يستمر الخلاف بين الحزبين الكرديين الرئيسين حول من يتولى المنصب، على الرغم من أن (الحزب الوطني الديمقراطي) حزب مسعود برزاني، يتولى رئاسة إقليم كردستان، ناهيك عن أن منصب رئاسة الوزراء ليس محسوماً في الدستور لأي طرف، وبالتالي هناك خشية من أن تؤدي الخلافات القائمة داخل المكون الشيعي إلى فقدانه. لكن ماذا لو تم قيام تحالف بين التيار الصدري وحزب برزاني، وهو أمر ليس مستبعداً، من المؤكد أن كل الحسابات ستتغير، لكن أمل العراقيين في التغيير لن يتغير؛ بل ربما أصبح قريباً أكثر من أي وقت مضى.