بقلم: د.أكمل عبدالحكيم – صحيفة الاتحاد
الشرق اليوم- جاء إعلان منظمة الصحة العالمية عن اختيار رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، “جوردن براون”، كسفير للمنظمة فيما يتعلق بتمويل قضايا الصحة العالمية، ليلقي بالضوء على هذا المجال من أوجه التعاون الدولي، والذي أصبح يحتل اهتماماً متزايداً في الآونة الأخيرة. ويشير مصطلح الصحة العالمية (Global Health) إلى المجال المعني بالصحة العامة لجميع المجتمعات والشعوب، من منظور دولي، والمختص بالدراسات والأبحاث والممارسات التي تركز على تحسين صحة الأفراد والمجتمعات والشعوب، وبلوغ مستوى متقدم من المساواة في الرعاية الصحية للجميع.
فكما اتضح من وباء “كوفيد-19” الحالي، يمكن للقضايا والمشاكل الصحية أن تتخطى بسهولة الحدود السياسية والجغرافية، لتترك آثاراً وتبعات اقتصادية وسياسية على دول العالم قاطبة. ولذا ينصب اهتمام العاملين في مجال الصحة العالمية على تحسين جميع الجوانب الصحية للأفراد والمجتمعات المختلفة، سواء أكان ذلك على صعيد الصحة العقلية، أم تجاه خفض الفجوات في مستوى الرعاية الصحية المتاحة، أم الحماية والوقاية ضد المخاطر الصحية العالمية، كما هو الحال مع أوبئة الأمراض المعدية.
ويتطلب تحقيق هذه الأهداف التمويل الكافي على الصعيد القومي والدولي، لمكافحة ومجابهة الأمراض العابرة للحدود وللقارات، مثل وباء فيروس نقص المناعة المكتسبة (الإيدز) الذي يقدر أنه أصاب أكثر من 70 مليون شخص حول العالم، لقي حتى الآن 35 مليوناً منهم حتفهم بسبب الفيروس. ومنذ ظهور فيروس “كوفيد-19” أصاب أكثر من 200 مليون شخص، لقي منهم قرابة خمسة ملايين حتفهم، وهم من جنسيات وأعراق وثقافات وديانات مختلفة. وتصطدم جهود دحر الوباء الحالي، على الصعيد العالمي، بنقص التمويل الكافي لشراء التطعيمات الطبية من قبل الدول متوسطة الدخل والفقيرة، وهو ما يهدد بظهور نسخ متحورة من الفيروس لا تجدي التطعيمات المتاحة حالياً أمامها نفعاً. وكثيراً ما تتضح تبعات نقص التمويل بشكل غير مباشر، من خلال نقص الموارد البشرية والفنية المؤهلة.
وحسب تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية، يعاني العالم من نقص في الكوادر الصحية، يقدر بـ4.3 مليون من الأطباء والممرضات والقابلات وباقي المهن الطبية المساعدة. وفي نفس الوقت، يرى البعض أن مشكلة الصحة العالمية لا تقتصر على نقص التمويل، بل أنه في الكثير من الحالات لا تترجم زيادة التمويل في زيادة مماثلة النتائج الصحية الإيجابية. ويرى هؤلاء أن المشكلة تتركز في سوء توزيع ما هو متاح من مصادر، حيث غالباً ما يتم تخصيص المتوفر من تمويل مالي لمكافحة مرض واحد بالتحديد، دون الأخذ في الاعتبار الجوانب المتعددة المرتبطة بخفض أو تحسين مستوى الصحة بوجه عام.