الرئيسية / مقالات رأي / السودان.. انقلاب فاشل

السودان.. انقلاب فاشل

الشرق اليوم- لم يخرج السودان بعد من آثار وتداعيات حكم عمر البشير وجماعة الإخوان، الذي امتد لأكثر من ثلاثين عاماً. كما أن اقتلاع هذا الحكم في 11إبريل (نيسان) من عام 2019 بعد ثورة شعبية جارفة دعمها الجيش، وتشكيل مجلس سيادة انتقالي من المدنيين والعسكريين يقود السودان خلال 39 شهراً، لم يضع حداً للمخاطر التي تواجه السودان مع وجود بقايا إخوانية في مفاصل الحكم، وخلايا قادرة على التحرك والإرباك والفوضى، وهو ما جرى يوم 24 يوليو (تموز) 2019، عندما تم الإعلان عن إحباط انقلاب عسكري واعتقال رئيس الأركان الفريق هاشم عبد المطلب وعدد من ضباط الجيش والأمن إلى جانب قيادات من الحركة الإسلامية وحزب المؤتمر الذي كان يقوده البشير.

المحاولة الإنقلابية الفاشلة التي جرت فجر أمس الثلاثاء، التي قادها ضباط من سلاح المدرعات والمظلات، من خلال محاولة الاستيلاء على مبنى الإذاعة في أم درمان، كمقدمة لاستعادة النظام السابق، تأتي في إطار جهود لن تتوقف لإعاقة أي عملية تغيير تضع السودان على طريق الديمقراطية، وتعطي الشعب السوداني الحرية والعدالة الاجتماعية، وتوفر له حياة كريمة بعيداً عن الهيمنة والتسلط والفساد الذي أفقر السودان، وجعله يرزح تحت ديون هائلة رغم ثرواته التي تم تبديدها.

إن إجهاض المحاولة الانقلابية، ودعوة الجماهير السودانية “للدفاع عن الثورة وحماية المرحلة الانتقالية”، واعتقال الضباط المتورطين في المحاولة، وبدء محاكمتهم، وتأكيد مجلس الوزراء على أن الأوضاع تحت السيطرة، والحياة طبيعية في الخرطوم، يستوجب المزيد من الحيطة والحذر والاستعداد لمواجهة قوى الثورة المضادة التي لن يهدأ لها بال، ولن تتخلى عن أحلام العودة إلى السلطة طالما هي قادرة وتستطيع التنظيم والتحرك.

لذلك، فإن الجماهير السودانية ومعها كل قوى الحرية والتغيير التي أطاحت بنظام البشير وجماعته، وبدعم من القوات المسلحة، مطالبة بعدم التهاون في تصفية واجتثاث كل قوى الشر المتربصة وفلول الإخوان، وإلا فإن الخطر سوف يظل قائماً، وينتظر الفرصة مجدداً لإعادة الانقضاض.

قيادة الجيش السوداني أكدت إفشال المحاولة الانقلابية والقبض على عشرات الضباط المتورطين وانتماء معظمهم لتنظيم جماعة الإخوان بقيادة اللواء عبد الباقر بكراوي، ما يؤكد أن هذه الجماعة ما زالت بعد عامين على الثورة متغلغلة في مؤسسة الجيش والمؤسسات الأمنية الأخرى، وقادرة على التحرك، ويمكنها إذا ما نجحت أن تعيد السودان إلى تلك الأيام السوداء التي عاشها على مدى ثلاثين عاماً.

إن الأزمات التي ورثها السودان عن النظام السابق هائلة، وخصوصاً على الصعيد الاقتصادي والمعيشي، إضافة إلى الأوضاع الأمنية جراء حركات التمرد المسلح في أكثر من ولاية والتي يجري استيعابها من خلال اتفاقات سلام يتم إبرامها، لإخراج البلاد من شرنقة هذه الأزمات، لكن يبدو أن فلول النظام السابق تريد للسودان أن يظل رهينة في يدها.

المصدر: صحيفة الخليج

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …