By: Zinya Salfiti
الشرق اليوم – إن حكومة نجيب ميقاتي، التي نالت ثقة البرلمان اللبناني أمس بعد أزيد من عام من الركود السياسي، ليست “جديدة” كما قد يعتقد البعض، ولن تكون على الأغلب قادرة على وضع حد للفوضى السياسية والأزمات الاقتصادية والأمنية التي يتخبط فيها لبنان.
ميقاتي الذي قاد حكومتين سابقتين عامي 2005 و2011 استطاع على الأقل أن يجمع بضع عشرات من الأشخاص لتشكيل حكومة عاملة، بعد عام من تفجير مرفأ بيروت الذي أودى بحياة 217 شخصا وعصف بحكومة حسان دياب السابقة.
إن مجرد تشكيل حكومة طال انتظارها يعد في حد ذاته أمرا لافتا، حيث جعل هذا الأمر -خاصة من قبل فرنسا- شرطا لأي دعم مالي، وهو الموقف الذي عبرت عنه أيضا المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد الدولي.
لكن رغم ذلك، قلة من الناس فقط يعتقدون أن التشكيلة الحكومية الحالية ستكون قادرة على تقديم إصلاحات حقيقية لبلد انزلق في واحدة من أشد الأزمات المالية في العالم منذ منتصف القرن الـ19، حيث أضحى أكثر من نصف سكان البلد يعيشون تحت خط الفقر.
ولعل ما يرجح هذا الاحتمال هو أن الطبقة السياسية في لبنان تعج برجال أعمال وسياسيين أثرياء وجوه كثير منهم مألوفة للبنانيين -ومن بينهم رئيس الحكومة الحالي- الذين يلقون اللوم على إهمالهم وفسادهم لما آلت إليه البلاد.
ويعتبر فعل تشكيل الحكومة بحد ذاته أمرا مهما بالنسبة للبلد حيث جعل المأزق السياسي الذي عرفه لبنان طيلة شهور من المستحيل تقريبا تدفق المساعدات الخارجية.
كما أنه بلا حكومة لا يستطيع لبنان الحصول على أي تخفيف لعبء ديونه البالغة 90 مليار دولار، لذلك فوجود حكومة “جديدة”، ولو بمجرد إعادة تشكيل لا غير، يمنح البلاد فرصة على الأقل لإعادة تجميع الصفوف.
ومن غير المرجح أن يكون بمقدور حكومة ميقاتي تغيير الوضع الراهن، حيث يتوقع أن تقدم فقط على تطبيق تعديلات تجميلية إزاء المشاكل العميقة التي تعاني منها البلاد، بما يكفي لتأمين الأصوات للأحزاب الطائفية التقليدية.
وينبغي أن يكون إيجاد طريقة لسد العجز المالي لهذا البلد “المفلس” ودعم العملة والتعامل مع عبء الديون واستعادة ما يشبه النمط الطبيعي لحياة اللبنانيين اليومية هو الرهان الأول أمام الحكومة الحالية، لكن المراقبين يشككون في قدرة القيادة الجديدة في رفع التحدي، خاصة في ظل “دولة تضبط إيقاعها طغمة من الحكام الفاسدين”.
وخلال مقابلة له مع شبكة “سي إن إن” (CNN) الأميركية في 17 سبتمبر/أيلول الجاري، قال ميقاتي إن هذه “فترة انتقالية نحو التغيير”، وإنه يأمل في قيادة حكومة “ستأخذ البلاد نحو الانتخابات وتترك الناس يقررون لاحقا من يريدون أن يحكمهم”، حيث من المقرر أن تجرى الانتخابات العامة المقبلة في مايو/أيار 2022 ما لم يتم تأجيلها.
إن اللبنانيين تركوا في نهاية المطاف بلا بنزين يكابدون الأمرين يوميا من أجل الحصول على رغيف العيش، كما تركوا أيضا أمام سؤال واحد محير ومألوف بالنسبة لهم، وهو: كيف يمكن لأولئك الذين تسببوا في خراب بلد ما أن يكونوا هم أنفسهم من تسند لهم مهمة الإصلاح؟
ترجمة: الجزيرة