بقلم: د. أيمن سمير – صحيفة “البيان”
الشرق اليوم – حرّك الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، وعدم وجود خيارات أوروبية بمعزل عن الولايات المتحدة، الرغبات الأوروبية من جديد نحو تشكيل «قوة تدخل سريع»، يكون قوامها 5 آلاف جندي، بهدف «الاستجابة العاجلة» لأي أحداث على غرار ما حدث في مطار كابول، فرئيس الدبلوماسية الأوروبية جوزيب بوريل قال أكثر من مرة: إن «الانسحاب الفوضوي» من أفغانستان يفرض على الأوروبيين تشكيل قوة تدخل سريع، وهو ما سيبحثه القادة الأوروبيون في نوفمبر المقبل، على أن تكون هذه القوة الجديدة جاهزة بحلول مارس المقبل، لكن ما هي الصعوبات التي تواجه تشكيل «قوة التدخل السريع» الأوروبية؟ وهل سيكون مصيرها مثل مصير دعوات سابقة للاستقلال الأمني والعسكري الأوروبي بعيداً عن الولايات المتحدة؟
خلافات بين ضفتي الأطلنطي
رغم الجهد الكبير الذي يبذله الرئيس جو بايدن في تعزيز الثقة بين الولايات المتحدة وشركائها الأوروبيين خصوصاً في حلف الناتو، إلا أن الكثير من الأوروبيين اشتكوا من تجاهل الولايات المتحدة لهم في خطة الخروج من أفغانستان، وكل الدول الأوروبية بما فيها بريطانيا وألمانيا وفرنسا لم يكن لديهم خطط خاصة بهم أو خطط على المستوى الأوروبي للتعامل بعيداً عن الولايات المتحدة في للخروج من أفغانستان، لكن هناك من يخشى أن يؤدي المقترح الذي ناقشه وزراء دفاع دول الاتحاد الأوروبي في اجتماعهم الأخير في كراني بسلوفينيا، إلى انقسام بين الأوروبيين، أو يقود إلى خلاف مع واشنطن، التي لم تكن متحمسة لفكرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لتشكيل «جيش أوروبي موحد»، التي اقترحها في نوفمبر 2018، وهي الفكرة التي لم تجد صدى إلا في برلين، وكأننا أمام سيناريو عام 1989 عندما شكلت فرنسا مع ألمانيا «اللواء المشترك»، الذي لم تنضم إليه أي دولة أخرى من دول الاتحاد الأوروبي.
تجارب ليست مشجعة
يزيد من حالة «عدم اليقين» حول تأسيس قوة التدخل السريع الأوروبية هو عدم نجاح الأوروبيين في تجارب سابقة مثل «عملية صوفيا»، التي أطلقها الاتحاد الأوروبي عام 2015 لمكافحة الهجرة غير الشرعية، وعملية «أريني البحرية» في فبراير 2020 بهدف منع تدفق السلاح إلى ليبيا، اللافت أيضاً هو عدم الإجماع الأوروبي حول «قوة التدخل السريع» والتخوف من حدوث انشقاق أوروبي، وهو ما أشار إليه الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ، الذي يخشى من الخلاف حول تمويل تلك القوة الجديدة، لأن دولاً أوروبية قليلة هي التي تنفق 2% من ناتجها القومي على الشؤون الدفاعية، كما طلبت منهم الولايات المتحدة التي لا تزال تتحمل وحدها 70% من نفقات حلف الناتو، وهو ما يجعل الأوروبيين أمام تحدي تغيير ما قاله نابليون بونابرت: «أفضّل أن أقاتل تحالفاً على أن أكون جزءاً منه».