الرئيسية / مقالات رأي / The Independent: لا يمكن للغرب أن يتخلى عن أفغانستان سياسيًا أو اقتصاديًا

The Independent: لا يمكن للغرب أن يتخلى عن أفغانستان سياسيًا أو اقتصاديًا

BY: Moeed Yusuf

الشرق اليوم – يمثل قرار الرئيس الأمريكي، جو بايدن، سحب القوات وإنهاء الوجود العسكري في أفغانستان النتيجة المنطقية، لحرب لم يكن التدخل العسكري هو حلها أبدًا، ومع ذلك، فإنه لاتزال هناك أسئلة حول مستقبل كابول.

هل سيكون هناك مشاركة دبلوماسية واقتصادية نشطة في أعقاب الانسحاب العسكري؟ أم هل سيكرر العالم أخطاء الماضي بالتخلي عن أفغانستان والمنطقة، دون أي اعتبار للأزمات الإنسانية والأمنية التي حتما ستتبع الانسحاب؟ وحتى الآن تبدو جميع الإشارات مختلطة، وهو ما يثير القلق.

وقد ظلت باكستان، لسنوات، تدعم فكرة وجود تسوية سياسية تفاوضية باعتبارها السبيل الوحيد لإنهاء الحرب في أفغانستان بشكل مسؤول، ولكنها كانت تعلم أنها كانت تسير عكس اتجاه التفكير السائد في الغرب، ولكن بصفتنا الدولة ذات الروابط الأعمق مع أفغانستان، فقد كنا ندرك السياق المحلي، ومدى خطأ محاولة تحقيق نصر عسكري في بلد لا يتسامح مع التدخل الأجنبي.

ولكن تم تجاهل نصيحتنا، وبدلا من الاعتراف بالتضحيات التي قدمتها باكستان خلال الحرب في أفغانستان، تم اتهامنا بلعب «لعبة مزدوجة»، والحقيقة هي أنه منذ عام 2001، كانت باكستان الضحية الرئيسية للحرب في كابول، إذ لقي أكثر من 80 ألف ضحية حتفهم، كما تكبدنا أكثر من 150 مليار دولار من الخسائر الاقتصادية، فضلا عن نزوح أكثر من 3.5 مليون شخص من سكاننا داخليًا في ذروة الهجمات الإرهابية داخل باكستان.

وقد كان هذا رد الفعل العنيف نتيجة مباشرة لشراكتنا مع الغرب في أفغانستان، حيث بررت الجماعات الإرهابية المناهضة لباكستان، والتي غالبًا ما تتخذ من كابول مقرًا لها، هجماتها على الباكستانيين الأبرياء من خلال تصوير إسلام أباد على أنها تساعد الولايات المتحدة على احتلال أفغانستان، ولذا فإنه لم يتحمل أي بلد آخر مثل هذا الألم، فضلاً عن تحمل آثار حرب ليست من صنعنا في بلد مجاور.

وقد أكدت الأيام الأخيرة لرئاسة الرئيس الأفغاني السابق، أشرف غني، صحة وجهة نظرنا من خلال الكشف عن مدى انفصال كل من الحكومة الأفغانية والتقديرات الدولية عن الواقع على الأرض، إذ كان من الممكن تجنب فوضى الخروج العسكري من أفغانستان، ولكن للأسف، ابتكر غني وبعض المفسدين الإقليميين مثل الهند روايات كاذبة تهدف إلى إخفاء حقيقة أن الجهود الدولية في أفغانستان تفتقر إلى الشرعية في أعين الأفغان، كما أدى سوء إدارة كابول وحجم الفساد الهائل إلى افتقاد الحكومة للمصداقية، مما أدى إلى رفض قوات الأمن محاربة طالبان، وهو أمر تم اعتباره من قبل الكثيرين في أفغانستان على أنه واقع سياسي.

وقد تم استخدام باكستان ككبش فداء، وكانت هذه هي الذريعة التي استخدمها الرئيس غني لتعطيل محادثات السلام في الدوحة، وفي النهاية بدا أن إدارة غني لم تكن جادة في التوصل لتسوية مع طالبان، وقد فات الأوان لإدراك هذه الحماقة وتصحيحها.

واليوم، تقف أفغانستان والعالم عند منعطف خطير، وقد تتعارض وجهة نظر باكستان مرة أخرى مع المنتفعين السياسيين، ولكنها صادقة كما كانت في الماضي، ولذا فإنه من أجل المواطن الأفغاني العادي، ومن أجل المصلحة الوطنية الأنانية البحتة للدول الغربية، فإنه يجب أن تتم معاملة إسلام أباد الآن بإنصاف.

وعلى الرغم من أن وتيرة انتقال السلطة كانت سريعة بشكل غير متوقع في أفغانستان، فإن الأفغان قد نجوا من صراع طويل الأمد ومن إراقة دماء لا حصر لها، وبالتالي فقد تم تفادي أزمة لاجئين جديدة، كما أشارت حركة طالبان أيضًا إلى نيتها التعامل مع العالم، حتى إنها طلبت من الدول الغربية عدم إغلاق سفاراتها، وهذا يفتح المجال أمام المجتمع الدولي للانخراط بشكل بنَاء في أفغانستان.

وتتطابق توقعات باكستان من الحكومة الجديدة مع توقعات الغرب، إذ طالبنا مرارًا وتكرارًا بحكومة ترعى وتحمي حقوق جميع الأفغان مع ضمان عدم استخدام أراضي أفغانستان للإرهاب ضد أي دولة، وهذا هدف نتشاركه بالكامل مع المجتمع الدولي.

ولعل الطريقة الحكيمة لضمان ذلك هي أن يقوم المجتمع الدولي بتحفيز طالبان، من خلال المشاركة والمساعدة، مقابل الالتزام بنهج معتدل في الحكم، وفي حين أن الأمر متروك لطالبان في نهاية المطاف لتقرير كيفية الحكم، فإنه يجب على العالم ألا يقلل من النفوذ الذي يتمتع به لتشكيل سلوكهم بالنظر إلى حاجة النظام الجديد إلى الدعم الدولي والشرعية، ولذا فإنه يجب على المجتمع الدولي أن ينسق جهوده، مع قيام القوى الكبرى وجيران أفغانستان بالعمل على بناء إجماع على المشاركة البناءة باعتبارها الطريق الأساسي للمضي قدمًا.

وأدرك أن هذا قد يكون خيارًا صعبًا سياسيًا لبعض البلدان، ولكن البديل المتمثل في الانسحاب من أفغانستان سيكون بمثابة التخلي عن ملايين الأفغان الذين بقوا داخل البلاد، وذلك لأنه مع عدم وجود المال ومع الإمكانيات المحدودة، فإن أفغانستان تبدو مهددة بالانهيار، وهو ما سيؤدي حتمًا إلى هجرة جماعية وفراغ أمني سيسمح لتنظيمي داعش والقاعدة والجماعات الإرهابية الدولية الأخرى بالصعود مرة أخرى، وسيكون من الحماقة الاعتقاد بأن العالم بأسره لن يتأثر بهذا الصعود.

إن التخلي عن أفغانستان ستكون له عواقب اختبرها العالم من قبل، خاصة باكستان التي عانت من هذه العواقب طوال العقود الأربعة الماضية، فقد دمرت الحرب الأفغان، ولاتزال باكستان تأوي ما يقرب من 4 ملايين لاجئ أفغاني.

إن المسؤولية الجماعية للمجتمع الدولي تتمثل في تفادي حدوث أزمة إنسانية في أفغانستان، وضمان صد التهديد الإرهابي الذي يواجهنا جميعًا وبشكل نهائي، وهذا يتطلب مشاركة بناءة مع الواقع السياسي الجديد في أفغانستان.

ترجمة: المصري اليوم

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …