الشرق اليوم- من الواضح أن جدار التحالف الغربي بدأ يتهاوى، ولم يعد قادراً على الصمود، أو حتى على الترقيع بعد اتساع الهوة بين أطرافه في أوروبا والجانب الآخر من الأطلسي.
لم يكن الانسحاب الأمريكي المتسرع من أفغانستان، من دون تشاور مع الحلفاء الأوروبيين، آخر تصدع في جدار التحالف الغربي، إذ سرعان ما اتسع الشرخ، وبدا كأن الولايات المتحدة تغرد في مكان آخر حيث تجد مصالحها، من دون اكتراث بعلاقات تحالف تاريخية عبر الأطلسي.
الخطوة الأمريكية الجديدة التي يبدو أنها قصمت ظهر البعير كما يقال، إعلانها تحالفاً أمنياً جديداً مع كل من بريطانيا وأستراليا من وراء ظهر الحلفاء الأوروبيين ومن دون علمهم، وبموجبه خسرت فرنسا عقداً مع أستراليا لبناء 12 غواصة بقيمة 90 مليار دولار أسترالي (56 مليار يورو) لحساب البحرية الأسترالية كانت وقعته العام 2016، بعدما أعلنت واشنطن أنها ستقوم بتزويد أستراليا بغواصات بديلة تعمل بالدفع النووي.
وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان اعتبر ما حدث “خيانة وطعنة في الظهر”، وقال، إنه قرار أحادي ومباغت يشبه كثيراً ما فعله الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، فيما أكدت وزيرة الدفاع الفرنسية فلورنس بارلي أن فسخ أستراليا العقد مع باريس قرار خطير على صعيد السياسة الدولية.
ولا شك أن إلغاء الصفقة أدى إلى توتر في العلاقات الفرنسية – الأمريكية، إذ إن واشنطن لم تبلغ باريس مسبقاً بإعلان التحالف الأمني الجديد، ولا بالقرار الأسترالي إلغاء صفقة الغواصات.
وفي حين كانت باريس تعتقد أن الرئيس بايدن سيسعى إلى تعزيز العلاقات بين ضفتي الأطلسي، بعدما سادها اضطراب وعدم ثقة طوال أربع سنوات من عهد ترامب، جاءت طريقة الانسحاب العسكري من أفغانستان، ومن ثم إعلان التحالف الثلاثي الجديد المفاجئ ليضعا مجمل التحالف الغربي في مهب الريح.
تبرير التحالف الجديد بأنه يهدف إلى مواجهة الطموحات الصينية، وأن الولايات المتحدة تعطي هذه المواجهة الأولوية على ما عداها، لم تبتلعه أوروبا التي باتت على يقين كامل بأن العلاقات معها لم تعد أولوية أمريكية. وفي هذا الصدد يقول مدير المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية توما غومار إن هذا الأمر يؤكد أن الولايات المتحدة تتوقع من حلفائها أن ينصاعوا، ولا تعتمد نهجاً تشاورياً معهم.
يبدو أن بايدن من خلال إعلان التحالف الجديد سعى إلى صرف الاهتمام بأسرع ما يمكن عن الانسحاب الفوضوي من أفغانستان، والتركيز على مواجهة الصين سعياً لإثبات قوة الولايات المتحدة، كما أن “الصفعة” التي تلقتها فرنسا تعكس رداً أمريكياً على دعوات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المتكررة، والمدعوم من ألمانيا، لتشكيل جيش أوروبي بمعزل عن المظلة الأمريكية.
المصدر: صحيفة الخليج