الرئيسية / مقالات رأي / كلفة أممية باهظة لسلام غير موجود في الصومال

كلفة أممية باهظة لسلام غير موجود في الصومال

بقلم: إسماعيل عثمان – العرب اللندنية

الشرق اليوم– حددت بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال (أميصوم) على موقعها على الإنترنت أنها “… بعثة حفظ سلام إقليمية نشطة يديرها الاتحاد الأفريقي بموافقة الأمم المتحدة”.

وأنشأها مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي في التاسع عشر من يناير 2007. وفي العشرين من فبراير 2007، أي بعد شهر واحد من إنشائها، أذن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة للاتحاد الأفريقي بنشر قوة حفظ سلام في الصومال للحد من التهديد الذي تشكله حركة الشباب والعمليات الإرهابية الأخرى.

وبالإضافة إلى مواجهة حركة الشباب كان إنشاء بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال في الأصل لمساعدة قوات الأمن الصومالية وتحقيق مستوى من الاستقرار والأمن في منطقة كانت في ذلك الوقت في حاجة ماسة إلى الدعم.

وكانت بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال في جوهرها قوات حفظ سلام في البلاد منذ مطلع 2007. ووفقا للمرصد العالمي التابع لمعهد السلام الدولي (وهو منظمة تحلل بشكل مستقل قضايا السلام والأمن على مستوى العالم) استهلكت المهمة مئات الملايين من الدولارات كل عام منذ عام 2007.

كانت مهمة أميصوم باهظة الثمن بالتأكيد. لكن، هل نجحت؟

بالنظر إلى أزمة الحكم الحالية التي تواجه الصومال، وعدم اليقين الذي يحيط بالانتخابات الرئاسية المقبلة، وحقيقة أن المحادثات بين تحالف المعارضة والحكومة المركزية قد انهارت وتحولت إلى أعمال عنف، يمكن للمرء أن يؤكد أن استقرار البلاد بقي متقلبا كما كان في أي وقت مضى. وهو وضع يمكن أن يتفاقم بسهولة إذا -ومتى- استمرت حركة الشباب في الاستفادة من الانقسام القيادي وعدم اليقين الناشئ عن كارثة الحكم المركزي.

وتشير التقديرات إلى أن هناك اليوم 9 آلاف مقاتل من حركة الشباب يقاتلون في الصومال، أي ما يقرب من نصف العدد الإجمالي للأفراد النظاميين التابعين لبعثة الاتحاد الأفريقي. إن المسلحين هم من فجّروا قنابل في مقديشو في الرابع عشر من أكتوبر 2017 مما أسفر عن مقتل أكثر من 1200 شخص. وهم من فجّروا قنبلة أمام فندق في مقديشو في الخامس والعشرين من يناير 2017. وفجر مسلحون سيارة مفخخة في السابع والعشرين من فبراير 2017، في نقطة تفتيش بالقرب من البرلمان الصومالي، ووزارة الداخلية في الخامس والعشرين من مارس 2018. والمتشددون هم من فجروا بجرأة ووقاحة قنبلة قرب مقر إقامة الرئيس في مقديشو في الثاني والعشرين من ديسمبر 2018.

وفي الآونة الأخيرة أعلنت حركة الشباب مسؤوليتها عن هجوم انتحاري في يوليو 2021 في مقديشو أسفر عن مقتل تسعة أشخاص على الأقل وإصابة ثمانية آخرين. كما استهدفت العبوة سيارة مفوض شرطة مقديشو وأصابتها.

وتم انتقاء الحوادث المذكورة أعلاه من قائمة للهجمات التي أعلنت حركة الشباب مسؤوليتها عنها على مدى السنوات الخمس الماضية، وهي تهدف إلى تعزيز الجدل حول أن مقاتلي حركة الشباب المرتبطين بالقاعدة أصبحوا أكثر جرأة وتهورا.

وفي بيان مشترك صدر عن وفد الاتحاد الأفريقي والحكومة الاتحادية الصومالية عقب اجتماع استمر يومين عُقد في الثامن عشر والتاسع عشر من أغسطس في مقديشو، لوحظ أن مهمة بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال تقترب من الانتهاء عند نقطة “يتطلب الوضع الأمني ​​في الصومال فيها المزيد من المشاركة في القتال ضد تمرد حركة الشباب”.

لذلك، يجب طرح السؤال التالي: بالنظر إلى أن الحكومة المؤقتة التي أظهرت ضعفها في مواجهة الجريمة والفساد، وبالنظر إلى حقيقة أن وجود بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال كان مكلفا للغاية وغير فعال، فقد اجتمع فريق تقييم مستقل لتحديد المشاركة المستقبلية للاتحاد الأفريقي في الصومال والتوصية بتمديد مهمة بعثة الاتحاد الأفريقي، لاسيما في ضوء حقيقة وجود وفرة من مزاعم الفساد السياسي والتواطؤ داخل صفوف بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال؟

لنواجه الأمر. لم تعمل بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال كمهمة إنسانية متماسكة، وإنما كفصائل عسكرية فردية تتألف من قوات مستقلة من أوغندا وبوروندي وجيبوتي وكينيا وإثيوبيا. وكان كل فصيل منعزلا بسبب منطقة الانتشار: القوات الأوغندية في القطاع 1، والقوات الكينية في القطاع 2، وما إلى ذلك. وهذا يجعل من المستحيل عملياً تشكيل استراتيجية متسقة ومتماسكة لتحقيق الاستقرار في الصومال وهزيمة حركة الشباب.

كما أن مجلس السلام والأمن التابع للاتحاد الأفريقي لم يفعل الكثير لكسب ثقة مواطنينا. ولا يمكننا الاستمرار في قبول الفساد المتأصل في المنظمة. والحقيقة هي أن الفساد يهدد القواعد، ويقيد تطوير مجتمع آمن ومأمون، وبالطبع يميل إلى تصفية ثروة الأمة في أيدي قلة من أصحاب الامتيازات والقوى. ولا ينبغي أبدا أن ننظر إلى هذا على أنه مستقبل مقبول للصومال.

ويجب أن تكون توصية فريق التقييم المستقل جرس إنذار لجميع الصوماليين. ومع العلم أنه من المحتمل أن يصرف انتباه البلد بسبب عدم اليقين السياسي المستمر، يحاول الاتحاد الأفريقي تمرير هذا التفويض بينما تشتت أزمة حكومية الانتباه. الهدف من ذلك إقناع الناس بأن تمديد ولاية بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال يصب في مصلحة البلد.

ويركز الخيار المقترح لتمديد التفويض بشكل حصري على تحقيق المزيد من التمويل لبعثة الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأفريقي على حساب أمن واستقرار البلاد. ببساطة، لم تشارك بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال في أي عملية إنسانية أو عسكرية ذات مغزى في السنوات الأربع الماضية. ونحن لا نستطيع تحمل الاستمرار في دفع ثمن هذا المستوى من عدم الكفاءة.

وتتوفر خيارات أخرى. ومن الواضح أننا لسنا مقيدين بأي قيود مالية بالنظر إلى المليارات التي غرقت بالفعل في حفرة الأموال التي لا نهاية لها لبعثة الاتحاد الأفريقي. حيث كان بإمكاننا إعادة بناء الجيش الوطني والبحرية الصومالية بسهولة وكان بإمكاننا بناء عملية من شأنها إعطاء الأولوية لمصالح مواطنينا بنفس الاستثمار. وليس هناك أي سبب على الإطلاق للاعتقاد بأننا لا نستطيع أن نفعل ذلك الآن.

إذا مدّد هذا التفويض، فإننا سنشهد نفس الشيء: المزيد من الجريمة، المزيد من القتلى، المزيد من الفساد، والمزيد من اللامبالاة. ويجب أن تنتظر أي خطط لإعادة الهيكلة الجذرية لولاية بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال حتى تشكيل الحكومة التالية لتُمكن مواءمة جميع أصحاب المصلحة مع اتجاه الإدارة الجديدة المستقبلي. ونحن نقترب من مفترق طرق خطير. ومن الضروري أن نختار طريقنا بحكمة هذه المرة.

شاهد أيضاً

حكومة نتنياهو..تأزم داخلي وتجاذب خارجي

العربية- طارق فهمي الشرق اليوم– تواجه الحكومة الإسرائيلية أزمة جديدة متعلقة بتسريب معلومات أمنية تورط …