BY: Kenneth Roth
الشرق اليوم – كان الرئيس الأمريكي جو بايدن عازمًا على إنهاء تورط الولايات المتحدة في «الحرب الأبدية» في أفغانستان بحلول الذكرى العشرين لهجمات 11 سبتمبر 2001، ولكن كان يتعين عليه استغلال هذه الذكرى للإعلان عن نهاية «الحرب العالمية على الإرهاب» إلى الأبد، فهذه هي أفضل طريقة لتقليل حجم الضرر الهائل الذي تسبب فيه هذا المفهوم التوسعي والخطير.
فهذه الحرب، التي ابتكرتها إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش، لا تقتصر على عدو محدد أو على ساحة معركة بعينها، ولكنها ذات طبيعة عالمية، كما أنها تستخدم مجموعة واسعة من الجهود الأمنية الأمريكية، وعلى الرغم من أن إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما قد تخلت عن استخدام هذا المصطلح، فإن جهود مكافحة الإرهاب قد استمرت.
ولكن كانت العواقب وخيمة بالنسبة للجهود المبذولة لتقييد قوات الأمن بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، كما يمكن القول إن الانتهاكات التي صاحبت هذه الحرب قد شجعت على الإرهاب.
وقد كان جزء من الفوضى التي يشهدها العالم اليوم نتيجة لتصميم إدارة بوش على تمزيق كتاب القواعد، فالوثائق القانونية المشبوهة التى تبرر التعذيب لم تصمد أمام عمليات التدقيق، وقد رفضها الرئيس باراك أوباما بشكل رسمي.
ولكن قرار أوباما سيئ السمعة بالمضي قدمًا وعدم النظر للوراء حال دون مقاضاة المسؤولين الذين تسببوا في هذه الجرائم الصارخة، ما جعل التعذيب يبدو وكأنه خيار سياسي، وذلك على الرغم من عدم شرعيته الواضحة، الأمر الذي مكّن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من التباهي بأنه سيعيد إحياء هذه الممارسة، ولكنه لم ينفذ التهديد مطلقًا، وصحيح أن هناك ممارسات أخرى كانت موجودة في عهد بوش مثل إساءة احتجاز الشهود واستهداف المسلمين الأمريكيين من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي قد انتهت على ما يبدو، ولكن لم يتم التنصل منها مطلقًا.
وهناك جوانب معينة من الحرب العالمية على الإرهاب تظهر بشكل أكثر فاعلية، والتي يعد أبرزها قرار التعامل مع مكافحة الإرهاب على نطاق واسع على أنها «حرب» أو جهد عسكرى، وليس مسألة تتعلق بإنفاذ القانون، ولكن يخضع كل منهما لمجموعات مختلفة من القواعد، وعلى الأخص فيما يتعلق بالاحتجاز واستخدام القوة المميتة.
فقد أدى قرار حكومة الولايات المتحدة بالنظر إلى جميع التهديدات تقريبًا من خلال منظور الحرب إلى الاحتجاز إلى أجل غير مسمى دون تهمة، وقتل المشتبه بهم الذين كان من الممكن اعتقالهم، فضلًا عن رؤية أن كل ضرر محتمل للولايات المتحدة أو الأمريكيين يجب التعامل معه عسكريًا.
وبدلًا من العمل مع الحلفاء للقبض على أولئك الذين ارتكبوا جرائم جنائية في الخارج، فقد سعت الحكومة الأمريكية لقتلهم، وفي أماكن مثل اليمن، على سبيل المثال، تعرض الأشخاص الذين يُعتقد أنهم يشكلون تهديدًا إرهابيًا للولايات المتحدة لهجمات بطائرات دون طيار، أو غارات جوية على أساس أنهم مقاتلون أعداء، وغالبًا ما يتم تنفيذ هذه الهجمات بناءً على أدلة واهية، بغض النظر عما إذا كان المستهدفون يشكلون تهديدًا وشيكًا أو كانوا يشاركون بالفعل في نزاع مسلح مع الولايات المتحدة.
وفي الوقت نفسه، تم احتجاز حوالي 780 رجلًا في خليج جوانتانامو على مدى عدة سنين، والغالبية العظمى منهم لم يتم توجيه تهم إليهم بارتكاب جريمة، وبعد مرور عشرين عامًا على هجمات 11 سبتمبر تواصل الحكومة الأمريكية احتجاز 39 رجلًا هناك، على أساس أنه يمكن احتجازهم دون محاكمة في حرب أبدية باعتبارهم يمثلون تهديدات أمنية.
وصحيح أن وقف الحرب العالمية على الإرهاب سيظل يسمح للحكومة الأمريكية بتنفيذ هجمات مميتة ردًا على أي تهديد إرهابي، ولكن ذلك سيكون فقط في خضم نزاع مسلح حقيقي أو كملاذ أخير لوقف تهديد وشيك مميت.
أما بالنسبة لمعتقلي جوانتانامو، فإنه يجب محاكمتهم أمام محكمة مشكلة بشكل صحيح، وليس أمام اللجان العسكرية الصورية التي استمرت لسنوات، أو إطلاق سراحهم بأمان، وهو ما كان يجب أن يحدث منذ فترة طويلة، فمن شأن ذلك أن يوفر العدالة لكل من المتهمين وعائلات ضحايا الحادي عشر من سبتمبر الذين انتظروا عقودًا لبدء هذه المحاكمات.
إن إنهاء الحرب العالمية على الإرهاب يمكن أن يقلل أيضًا من قدرة الحكومات الأخرى على تبرير الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان باسم مكافحة الإرهاب.
وصحيح أن الحكومات تتحمل مسؤولية حماية شعوبها من أمثال تنظيم «داعش»، ولكن يجب أن يتم ذلك خارج نطاق النزاعات المسلحة، كما يجب تطبيق قواعد إنفاذ القانون بشكل كافٍ، ولوقف الانتهاكات العديدة المرتبطة بالحرب العالمية على الإرهاب فإنه يجب على بايدن إنهاؤها، وهو الأمر الذي سيبعث برسالة مفادها أن الرد المناسب على الإرهاب لا يتمثل في المزيد من الخروج على القانون بل بالرد ضمن حدود القانون الدولي لحقوق الإنسان.
ترجمة: المصري اليوم