الشرق اليوم- أن يكون رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي أول مسؤول أجنبي يزور طهران بعد انتخاب إبراهيم رئيسي، رئيساً لإيران، خلفاً لحسن روحاني، فهذا له معناه في إطار علاقات البلدين الجارين وما يكتنفها من مد وجزر، وما يشوبها من فترات سلبية جراء تحويل العراق إلى ساحة صراع للنفوذ الإيراني والأمريكي، وخصوصاً العلاقة التي تربط بين طهران وبعض تنظيمات الحشد الشعبي.
ومع ذلك، فإن هناك حاجة في البلدين بحكم العلاقات التاريخية والجوار والمصالح المشتركة بينهما لأن تظل العلاقات بينهما محكومة بسقف من التواصل والتنسيق في مختلف القضايا السياسية والاقتصادية والأمنية.
رافق الكاظمي في زيارته التي التقى خلالها رئيسي، والمرشد علي خامنئي، ومسؤولين آخرين، وفد اقتصادي كبير لبحث العديد من الملفات التي تهم البلدين، وإبرام العديد من الاتفاقات، ومنها تزويد العراق بالغاز والكهرباء، وزيادة التبادل التجاري. وكان قرار إلغاء التأشيرات بين البلدين خطوة إيجابية في هذا الاتجاه.
ليس الاقتصاد وحده الذي حمل الكاظمي إلى طهران، فهناك ملفات سياسية مهمة كانت بلا شك، محور محادثاته في طهران، خصوصاً أن العراق بدأ يلعب دوراً توفيقياً في الإقليم، فهو يحاول أن يستعيد دوره العربي، وأن يكون لاعباً مؤثراً في المحيطين العربي والإقليمي، وعلى صعيد العلاقات الأمريكية الإيرانية.
فقد استضاف مؤخراً “مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة”، كما لعب دوراً في تعزيز العلاقات العراقية المصرية الأردنية، وما نتج عنها من قمم ضمت قادة الدول الثلاث، والاتفاق على تعزيز العمل العربي المشترك وتأسيس تحالف اقتصادي تنموي، إضافة إلى الدور الذي لعبته بغداد في تأمين التواصل السعودي الإيراني من خلال ثلاثة اجتماعات عقدت خلال الأشهر القليلة الماضية، واجتماع رابع قد يعقد قريباً بهدف تقريب وجهات النظر، وإنهاء القطيعة الدبلوماسية بينهما.
ثم هناك الانتخابات التشريعية في العراق المقررة في العاشر من الشهر المقبل، حيث يريدها الكاظمي خطوة مهمة على طريق التغيير السياسي في العراق، ما يفتح الباب أمام الحد من الاصطفافات الطائفية ومنطق “المحاصصة” القائم، ومباشرة المعركة ضد الفساد، وهذا يحتاج إلى بيئة سياسية وأمنية مناسبة، لعل طهران تشارك في تأمينها، كما يحمل الكاظمي ضمانات إلى طهران بانسحاب القوات الأمريكية من العراق نهائياً أواخر العام الحالي، بما يطمئن إيران ويُبعد شبح استمرار العراق ساحة للصراع بين البلدين.
يريد الكاظمي أن ينأى بالعراق عن الصراعات الإقليمية؛ لذلك فهو يحاول أن يكون “وسيطاً نزيهاً” بين المختلفين، ويعمل على جمعهم، أو تبريد العلاقات بينهم باعتبار أن أمن العراق من أمن جيرانه، واستقراره من استقرارهم.
وإذا ما نجح في مهمته فقد يضمن لنفسه دوراً سياسياً مهماً في العراق مستقبلاً، على الرغم من أنه لن يترشح للانتخابات المقبلة.
المصدر: صحيفة الخليج