بقلم: عمرو الشوبكي – المصري اليوم
الشرق اليوم – أُعلنت نتائج الانتخابات المغربية، واحتل حزب التجمع الوطني للأحرار المرتبة الأولى وحصل على 97 مقعدا من أصل 395، وهو حزب يضم تكنوقراطا ورجال أعمال وشرائح عليا من الطبقة الوسطى، ويقوده رجل الأعمال الشهير عزيز أخنوش، الذي كلفه الملك بتشكيل الحكومة وفق الدستور المغربي.
أما حزب الأصالة والمعاصرة الذي تأسس منذ 6 سنوات وجاء أيضا في المرتبة الثانية في انتخابات 2016 فقد حصل على 82 مقعدا، وجاء في المركز الثالث حزب الاستقلال التاريخي العريق، الذي يقارن مصريا بحزب الوفد وحصل على 78 مقعدا، بينما حصل حزب يسار الوسط الاتحاد الاشتراكي للقوى الشعبية الذي سبق وشكل الحكومة بعد معارك نضالية كبيرة في تسعينيات القرن الماضي على 35 مقعدا، ثم حل في المرتبة الخامسة حزب الحركة الشعبية بـ 26 مقعدا، ثم التقدم والاشتراكية بـ 20 مقعدا، وفي المركز السابع جاء الاتحاد الدستوري بـ 18 مقعدا، بينما حل حزب العدالة والتنمية في المركز الثامن بـ 13 مقعدا، بعد أن حصل في الانتخابات السابقة على 125 مقعدا وشكل الحكومة على مدار 10 سنوات.
وبلغت نسبة المشاركة في الانتخابات المغربية، وفق بيان وزارة الداخلية المغربية، 50.18%.
والحقيقة أن الخبرة السياسية المغربية تعتمد على التدرج في الإصلاح، فقد عرفت تعديلات دستورية في 2011 أعطت مزيدًا من الصلاحيات لرئيس الحكومة المنتخب، وإن ظل الملك هو رأس السلطة التنفيذية، ويعين وزراء الدفاع والداخلية وولاة الأقاليم.
ولم يسمح المغرب منذ البداية بدخول حزب العدالة والتنمية ذي المرجعية الإسلامية الساحة السياسية إلا كحزب مدني منفصل تماما على الجماعة الدينية والدعوية (التوحيد والإصلاح) وملتزم بالنظام الملكي والدستور المدني المغربي، على عكس ما جرى في مصر حين وصل «الإخوان المسلمين» للسلطة كجماعة دينية غير مرخص لها قانونا ولها ذراع سياسية وحزبية تنفذ أوامرها. ولذا لم يكن غريبًا أن الخسارة المدوية لحزب العدالة والتنمية لم تمثل أي تهديد للعملية الديمقراطية في المغرب ولا لثوابت النظام السياسي، حتى لو كانت هناك شكاوى من بعض تدخلات الإدارة والأجهزة، وشكاوى أكبر من المال السياسي، خاصة من زعيم حزب الأغلبية رجل الأعمال أخنوش.
والحقيقة أن الحياة السياسية في المغرب استقرت بدرجة كبيرة بعد فترة طويلة من الصراعات الحادة، واتضحت أن قواعد اللعبة السياسية قامت على احترام إرادة الناخبين والحزب الذي يختاره الناس مهما كان موقف السلطة الملكية منه، فقد حكم حزب العدالة والتنمية لدورتين مدتهما عشر سنوات بإرادة الشعب المغربي وخسر موقعه كحزب حاكم بإرادة شعبية بالأساس.
خسارة حزب العدالة والتنمية كما كان فوزه شهادة نجاح «لبريق الهدوء» الذي يتمتع به النظام السياسي المغربي ولمساره الإصلاحي الذي لا يعرف التغييرات الفجائية أو الثورية، ولكنه يحافظ على استقراره ويتقدم ولو بخطوات محدودة للأمام.