كلمة صحيفة “الخليج”
الشرق اليوم – الاتصال الهاتفي الذي تم قبل أيام بين الرئيسين الأمريكي، جو بايدن، والصيني، شي جين بينغ، والذي استمر ساعة ونصف الساعة، وهو الأول بينهما منذ سبعة أشهر، يؤشر إلى وعي حقيقي بأن العلاقات بينهما إذا ما استمرت على حالها من التصعيد قد تؤدي إلى صراع حقيقي يتجاوز ما هو قائم حالياً من منافسة اقتصادية وتقنية شرسة على اتساع العالم، في حال خرجت عن السيطرة، أو نتيجة خطأ في التقديرات والحسابات.
البيت الأبيض أشار إلى أن الرئيسين أجريا «مناقشة استراتيجية واسعة» شملت «المجالات التي تلتقي فيها مصالحنا وتلك التي تتباين فيها مصالحنا وقيمنا ووجهات نظرنا»، كما ناقش الزعيمان «مسؤولية البلدين لضمان عدم تحول المنافسة إلى صراع». من جهته أكد الزعيم الصيني، أن إعادة العلاقات الأمريكية الصينية إلى مسارها الصحيح «أمر بالغ الأهمية لمصير العالم»، وأشار إلى أن «مستقبل العالم ومصيره يعتمدان على قدرة الصين والولايات المتحدة على إدارة علاقاتهما بشكل صحيح».
يفهم من ذلك، أن البلدين لديهما رغبة في إدارة خلافاتهما سلمياً وتجنب وصولها إلى حد الصراع المفتوح لتجنيب بلديهما والعالم نتائج كارثية، كما يفهم أن لديهما قناعة بأن هناك مجالات واسعة للتعاون المشترك بينهما مثل التحديات التي تواجه العالم حالياً والمتمثلة في جائحة كورونا والتغير المناخي والفقر.
اللافت أن هذا الاتصال بين الزعيمين يصادف الذكرى الخمسين للزيارة السرية التي قام بها مستشار الأمن القومي الأسبق هنري كيسنجر، إلى الصين؛ حيث التقى الزعيم الصيني الراحل ماوتسي تونج، ورئيس الوزراء آنذاك شوآن لاي، والتي أدت بعد ذلك إلى قيام الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون، بزيارة بكين؛ حيث وقع على «بيان شنغهاي» الذي فتح صفحة جديدة في العلاقات الصينية الأمريكية والسياسة الدولية.
في هذه المناسبة قال نائب الرئيس الصيني وانغ تشي، إنه على مدى الخمسين عاماً الماضية شهدت العلاقات الصينية الأمريكية تقلبات «إلا أنها شهدت تقدماً، وجلبت منافع عظيمة للشعبين وسهلت السلام والاستقرار في العالم»، ودعا لأن تصبح الصين والولايات المتحدة «شريكين في التنمية المشتركة»، إلا أنه حث الولايات المتحدة على «التمسك بالمبادئ وإظهار الاحترام المتبادل والوصول إلى أرضية مشتركة مع تنحية الخلافات جانباً». من جهته دعا كيسنجر بالمناسبة البلدين إلى «تعزيز الاتصالات الاستراتيجية بينهما ومواصلة الحوار والتبادلات في كل المجالات».
لا شك أن تهدئة الخلافات بين البلدين تعتبر مصلحة مشتركة للبلدين والعالم، وهنا تلعب الاتصالات المباشرة بين قيادات البلدين دوراً مهماً في إبقاء العلاقات بينهما مرنة، وتفتح المجال للتفاهم، لأن صد الأبواب أمام الحوار يؤدي دائماً إلى سوء الفهم والتقدير، وإلى تصاعد الأزمات بينهما بدلاً من العمل على حلها عن طريق التواصل والحوار.
المكالمة الهاتفية بين بايدن وتشي، مهمة لأنها كسرت الجمود في العلاقات وأعادت الحياة إلى التواصل، لعلها تخفف من وطأة العداء والشيطنة وتشويه السمعة، وتفتح الباب مجدداً أمام التعاون المشترك والمنافسة الشريفة.