بقلم: أنيا نوسباوم وسامي أدغيرني
الشرق اليوم- بينما يستعد لخوض انتخابات جديدة في العام المقبل، يواجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قلقاً متزايداً من جانب البعض داخل إدارته، بشأن نهجه في السياسة الخارجية، الذي يركز حتى الآن على الشكل أكثر من المضمون، حسب ما ذكرته وكالة ” Bloomberg” الأمريكية للأنباء.
وذكر نشرته ” Bloomberg”، إن ماكرون (43 عاماً)، يسخر من نصائح دبلوماسييه منذ أن تولّى منصبه، وبينما يستعد لخوض انتخابات جديدة، تتطور التوترات لدى جهاز الشؤون الخارجية الفرنسي.
وأعرب عدد من المسؤولين، الذين تحدثوا بشرط عدم كشف عن هوياتهم، عن شعورهم بالاحباط بسبب إصرار الرئيس على تقديم مبادرات رفيعة المستوى لقادة من أمثال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أو الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الأمر الذي غالباً ما يتركه “خالي الوفاض”.
ولا يتعلق الأمر بمزاعم الدبلوماسيين أنهم كان يمكنهم أن يقنعوا ترامب بالالتزام باتفاق باريس للمناخ، أو أن يقنعوا بوتين بالتراجع في أوكرانيا، لكنهم دأبوا على حضّ ماكرون على عدم إظهار “عجز فرنسا النسبي” مع مثل هذه الانتكاسات العلنية.
ويقول الدبلوماسيون والمستشارون الوزاريون، إن مكتب ماكرون عادة ما يتجاهل التوجيهات بشأن الموضوعات الرئيسية، حتى بعد طلبها.
وكان الرئيس أشاد أخيراً بقرار سحب الرعايا الفرنسيين والموظفين الأفغان من كابول في وقت مبكر. ومع ذلك، قال مسؤولان على دراية بالوضع، إن فرقه كانت قد تراجعت في البداية عندما حضّهم السفير الفرنسي في أفغانستان، ديفيد مارتينون، على البدء في استعدادات الإخلاء في ديسمبر الماضي.
وبينما أصر الدبلوماسيون على أن الوضع على أرض الواقع سيتدهور، قال مساعدو ماكرون، إنهم مبالغون، منتقدين مارتينون سراً بسبب “إثارته حالة من الذعر”، حسب ما قال أحد المسؤولين.
وبينما يمنح النظام الفرنسي الرئيس السيطرة الكاملة على السياسة الخارجية، فمن التقليدي أن يأخذ صنع القرار بعين الاعتبار، المزيد من التوجيهات من خارج الفقاعة الرئاسية، ومن وزارة الخارجية على وجه التحديد.
ويقول المسؤولون، إن ماكرون عادة ما يكون أكثر إصراراً على المضي قدماً بصورة فردية، أكثر من أسلافه، وقد قام مراراً بتهميش أعضاء حكومته، رغم الخبرة المحدودة التي كانت لديه في الشؤون الدولية عندما تولى منصبه.
من جانبه، يقول برونو تيرتري، نائب مدير مؤسسة الأبحاث الاستراتيجية في باريس: “لا يمكنك إلقاء اللوم على ماكرون بسبب إقدامه على المحاولة، لكن من الممكن إلقاء اللوم عليه لعدم فهمه حدود فرنسا”. وحسب تقرير “بلومبرغ”، فإن الرئيس الفرنسي غير حصين على الصعيد المحلي، حيث تشير استطلاعات الرأي إلى أن المنافسة المقررة في العام المقبل بينه وبين زعيمة اليمين المتطرف، مارين لوبن، قد تكون متكافئة بصورة أكبر من المنافسة التي جرت بينهما عام 2017، وسيتعين على ماكرون إقناع المعتدلين بالالتفاف حوله في جولة الإعادة، في إطار سعيه للحصول على فترة ثانية في الحكم.
وكان ماكرون قد أبرم اتفاقاً تاريخياً مع ألمانيا لجمع الديون المشتركة في أوروبا للصمود أمام جائحة “كورونا”. كما جعل الإيرانيين يحضرون اجتماعات مجموعة السبع التي أقيمت في مدينة بياريتز الفرنسية في عام 2019، وحافظ على وجود دور دولي لفرنسا لا يتناسب مع وزنها الاقتصادي.
ويؤكد مستشاروه أن ماكرون عادة ما كان قادراً على جلب لاعبين مختلفين إلى الطاولة، وأنه يعمل على المدى الطويل. ولكن الدبلوماسيين قالوا، إن قائمة الأهداف غير الواقعية تزداد طولاً، ما يهدّد بتقويض مصداقيته، بينما يحاول إقناع قادة أوروبا الآخرين بأنه يجب أن يكون مركز الثقل الجديد بعد تنحي المستشارة أنجيلا ميركل بعد إجراء الانتخابات الألمانية المقررة هذا الشهر.
المصدر: صحيفة الجريدة