بقلم: عمرو الشوبكي – المصري اليوم
الشرق اليوم – شكلت حركة طالبان حكومتها الانتقالية الجديدة، وضمت فقط عناصر من الحركة غالبيتهم العظمى من قومية البشتون، التي تشكل ما يقرب من نصف عدد السكان، وتمثل بيئة حاضنة لحركة طالبان، وهناك ثلاثة وزراء من قوميات أخرى، أحدهم من الأزوبك واثنان من الطاجيك، كما ضمت الحكومة 5 وزراء كانوا معتقلين فى سجن جوانتانامو الشهير، وغاب عنها أى تمثيل نسائى أو من أقلية الهزارة الشيعية.
ويترأس الحكومة الانتقالية الجديدة الملا محمد حسن آخوند، أحد مؤسِّسى الحركة. أما نائبه الأبرز فهو الملا عبدالغني برادر، رئيس مكتبها السياسي، الذي كان متوقعًا أن يتولى رئاسة هذه الحكومة، ولكن جرى الاتفاق على محمد حسن لكبر سنه ومرضه، فيما اعتبره البعض نوعًا من التكريم.
أما منصب وزير الداخلية فقد اختارت الحركة دون باقي أعضائها سراج الدين حقاني، زعيم جماعة حقاني المسلحة، المطلوب من قِبَل مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي، والمُصنَّفة إرهابيًا على القوائم الأمريكية، وهي رسالة من الحركة إلى كل مخالفيها في الداخل والخارج بأنها لن تتساهل في قضايا الأمن الداخلي وبسط سيطرتها المطلقة على البلاد.
أما موقع وزير الدفاع فقد أُعطى للملا يعقوب، نجل مؤسِّسها، قائدها الراحل، الملا عمر، أما وزارة الخارجية فقد ترأسها أمير خان متقي، وهو زعيم بارز شارك في المفاوضات مع الولايات المتحدة من أجل ترتيب عملية انسحاب قواتها.
وإذا كانت الحركة قد برّرت مسألة «اللون الطالباني الواحد» في حكومتها بالقول إنها انتقالية فإن إشكاليتها ستبقى في بنيتها الداخلية المغلقة، فهي حتى اللحظة لم تقتنع بضرورة وجود نظام سياسي يقبل بالتنوع الداخلي، ولو في إطار المبادئ الإسلامية التي ستضعها، إنما أعلن قادتها أنهم يرفضون الديمقراطية ومفاهيم حقوق الإنسان، ورفضوا إعطاء حق التشريع للشعب لأن «الحاكمية لله»، ولذا سنجد أنه طوال سنوات حكمها الأول من 1996 حتى 2001 لم تضع الحركة دستورًا ينظم شؤون البلاد، واحتفظت بالشعار العام البراق، الذي تردده معظم التنظيمات الدينية، أن «القرآن والسُّنة هما دستورنا».
والحقيقة أن معضلة الحركة أنها تعلن منذ البداية رفضها الديمقراطية وحكم الشعب، على خلاف نظم حكم غير دينية أو دينية لا تطبق الديمقراطية، ولكنها تدَّعِي نظريًا أنها تؤمن بها، وربما تراعي بعض الأمور الشكلية، أو تقبل بنمط من التعددية المقيدة مثلما تفعل إيران، التي تقبل بمبدأ الانتخابات وتقول إن السيادة للشعب، ويحدث فيها تداول للسلطة بين رؤساء وأحزاب، ولكن على أرضية الثوابت الصارمة لنظام ولاية الفقيه.
صحيح أن حركة طالبان تعلمت بعض المهارات السياسية، وخاصة أثناء المفاوضات التي أجرتها في الدوحة مع الجانب الأمريكي، ولكنها حتى اللحظة لم تضع أي إطار لحل حتى الخلافات التي يمكن أن تنشأ داخل حكومتها أو بين أعضائها.