الشرق اليوم- فندت تقارير صحافية أمريكية رواية الجيش الأمريكي حول الغارة الجوية التي نفّذها بأفغانستان في 29 أغسطس (آب) ودمر فيها سيارة قال إنها كانت محملة متفجرات.
ونشرت “نيويورك تايمز” الجمعة، تحقيقاً يتعارض مع هذه الرواية، إذ قالت الصحيفة: إن الضربة لم تؤدِّ إلى مقتل مسلح داخل سيارة مفخخة، بل أودت بحياة عامل في منظمة غير حكومية كان يحمل عبوات مياه. وكانت عائلة سائق السيارة، إزمراي أحمدي، قالت لوكالة الصحافة الفرنسية غداة الغارة الجوية: إن عشرة أشخاص قُتِلوا جرّاءها، معظمهم أطفال.
وبحسب الصحيفة الأمريكية التي تستند إلى مقابلات وصور التقطتها كاميرات مراقبة، فإن تنقلات إزمراي أحمدي في اليوم الذي نُفّذت فيه الضربة، وهي تنقّلات اعتبرها الجيش الأمريكي مشبوهة، كانت تحرّكات يقوم بها خلال يوم عمل عادي. كما أشارت “نيويورك تايمز”، استناداً للقطات كاميرات مراقبة، إلى أن صندوق السيارة كان من دون شك مليئاً بعبوات مياه عمِل الرجل على نقلها إلى منزله.
وشككت الصحيفة أيضاً، استناداً إلى مقابلات مع خبراء، في رواية الجيش الأمريكي التي تفيد بأن الضربة الجوية قد تكون أدت أيضاً إلى تفجير متفجرات مخزنة في صندوق السيارة. وعندما سئل عما توصلت إليه صحيفة “نيويورك تايمز”، قال المتحدث باسم البنتاغون جون كيربي: إن التحقيق مستمر، مشدداً على أنه “لا يوجد جيش في العالم حريص (مثل الولايات المتحدة) على تجنب وقوع إصابات بين المدنيين”. وأضاف في بيان مقتضب: “الضربة استندت إلى معلومات استخبارية جيدة، وما زلنا نعتقد أنها منعت تهديداً وشيكاً لمطار كابل”. وكان قُتل نحو مائة مدني و13 جندياً أمريكياً في تفجير قرب مطار كابل في 26 أغسطس، وهو الهجوم الأكثر دموية ضد قوات الولايات المتحدة منذ 2011 في أفغانستان والأكبر ضد الجيش الأمريكي الذي ينفذه تنظيم “داعش” في أفغانستان.
وفي سياق متصل، ذكرت وكالة “خاما برس” الأفغانية للأنباء أمس السبت، أن روح الله عزيزي، شقيق نائب رئيس البلاد السابق وواحداً من قادة جبهة المقاومة المناهضة لحركة “طالبان” في ولاية “بانشير”، أمر الله صالح، قتل على يد “طالبان”، في مقاطعة “كاروخ” بولاية “بانشير” الجمعة. وأكد أقرباء عزيزي النبأ. وأضافوا أن عزيزي تم إعدامه من قبل مقاتلي “طالبان” ولم يتسلموا جثته.
ونفت “طالبان” هذا النبأ، مشيرة إلى أن عزيزي قتل، خلال صراع معهم. كانت ولاية “بانشير” الواقعة بشمال شرقي كابل، آخر معقل، سيطرت عليه “طالبان” الأسبوع الماضي، لكن القتال ما زال مستمراً في بعض الأجزاء من الولاية، ويزعم مسؤولون بجبهة المقاومة استعادة سيطرتهم على بعض المناطق من “طالبان”، لكن الأخيرة لم تعلق بعد على القضية.
ووصف المبعوث الأمريكي الخاص إلى أفغانستان زلماي خليل زاد، موافقة حركة “طالبان” على السماح بترحيل الأجانب، على الرغم من انتهاء الانسحاب الأمريكي من هذا البلد، بأنه أمر “إيجابي”. وكشف خليل زاد أن عدد من غادروا بلغ 250 شخصاً. وقال في سلسلة من التغريدات على “تويتر”: “على مدار الأيام الثلاثة الماضية، غادر 250 مواطناً أجنبياً، بينهم عشرات من المواطنين الأمريكيين ومقيمون دائمون، العاصمة الأفغانية كابل، على متن رحلات طيران قطرية”. وحظيت رحلات المغادرة من أفغانستان بتغطية إعلامية مكثفة، لكن تغريدة خليل زاد تمثل “إشارة إيجابية عن نجاح التواصل مع (طالبان)”، وأول إشارة إلى عدد الأشخاص الذين تمكنوا من الخروج من أفغانستان. وأعرب خليل زاد عن الشكر لدولة قطر لتسهيلها هذه الرحلات، مرحباً بالتعاون مع مسلحي “طالبان”، واصفاً إياه بأنه “مسعى مهم”. وأوضح المبعوث الأمريكي أن واشنطن ستواصل العمل مع الحكومة القطرية، و”طالبان”، وآخرين، لضمان سلامة خروج مواطنيها والأجانب الآخرين، وأيضاً المواطنين الأفغان الذين يسعون إلى الرحيل عن بلادهم بعد تولي “طالبان” مقاليد الأمور هناك.
وتم إجلاء نحو 124 ألف شخص من أفغانستان، على متن طائرات عسكرية، قبل خروج الجزء الأخير من القوات الأمريكية من البلاد. ومنذ ذلك الحين، تبحث الدول الغربية عن سبل لإجلاء مزيد من المواطنين، والأفغان الآخرين الذين قد يتعرضون للخطر، في ظل مخاوف من تجدد القتال في أفغانستان ومن النظام المتشدد الذي بدأت “طالبان” في تشييده بعد عودتها إلى السلطة. وغادرت كابل، الخميس، أول طائرة ركاب دولية، وعلى متنها أشخاص تم إجلاؤهم منذ انتهاء عمليات الانسحاب العسكرية والمدنية من العاصمة الأفغانية.
المصدر: صحيفة الشرق الأوسط