بقلم: د. عامر بني عامر – صحيفة “الدستور” الأردنية
الشرق اليوم – تصدر حزب التجمع الوطني للأحرار الانتخابات المغربية الأخيرة بنسبة 26% من أصوات الناخبين ومني حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة منذ عشر سنوات بهزيمة وصفت بالمدوية حيث تراجعت نسبة أصواته من 31% إلى 3% مما يجعل من هذه الانتخابات استثنائية وتسونامية مشكلة نمطاً جديداً في إدارة المملكة المغربية من خلال صناديق الاقتراع والأحزاب والبرامج الحزبية، ولكن ما هي الأسباب التي أدت إلى تراجع حزب العدالة والتنمية وفوز التجمع الوطني للأحرار ليشكل الحكومة المغربية القادمة؟
لعل أهم الأسباب التي أدت إلى هذا التغيير هو ارتفاع نسبة التصويت إلى مستوى قياسي وصل لما يقارب 54% وهذه نسبة تفوق أي انتخابات مغربية سابقة، وهذا الارتفاع في عدد المصوتين ذهب في معظمه لأحزاب تنافس العدالة والتنمية لأن كتلة الأخير التصويتية الصلبة شبه ثابتة بصرف النظر عن نسبة التصويت، أما السبب الثاني للخسارة فيكمن بتصويت المغاربة ضد حزب العدالة والتنمية لأسباب لها علاقة بتردي الوضع الاقتصادي والمعيشي وأخرى لها علاقة بعدم تقديمه إنجازاً واضحاً بالمبادئ والأهداف التي سبق وروج لها من الحفاظ على الحريات وصولاً إلى مكافحة الفساد.
وعلى صعيد الأمور التنظيمية والوعود الانتخابية لهذا العام يمكن إعطاء ميزة لبرنامج التجمع الوطني للأحرار كبرنامج حزبي مميز قائم على المشاورات مع المواطنين ويستجيب لاحتياجاتهم مثل الحماية الاجتماعية والتأمين الشامل ورفع أجور المعلمين والأطباء وإصلاح الإدارة العامة والوعد بتشغيل مليون مغربي، هذه كلها وعود انتخابية قدمها الحزب في برنامج خماسي المحاور وطلب من المغاربة محاسبته على برنامجه بعد خمس سنوات.
وقد تكون هذه الوعود الانتخابية من خلال البرنامج الحزبي المميز الذي طرحه التجمع الوطني للأحرار واحداً من أهم الأسباب التي دفعت المغاربة للإقبال بكثافة على الانتخابات وهذا لا يعني أن هذه الانتخابات لم تسلم من الملاحظات والمخالفات الانتخابية كاستخدام المال الفاسد أو ضعف الشفافية الانتخابية في بعض المناطق ولكن هذه المخالفات لم تكن المصدر الأساسي لتحول المغاربة في توجهاتهم الانتخابية ولا يمكن لها أن تغير بشكل جذري في هذه الانتخابات الثورية وهو ما يؤكد أهمية وجود أحزاب برامجية تخوض الانتخابات وتقود الحكومات يستطيع المواطن إما معاقبتها أو دعمها وهو ما نتمنى أن نصل له في الأردن في الوقت القريب.