الشرق اليوم- حدثان بارزان وقعا الأسبوع الماضي يؤشران إلى تحول سياسي مهم في العلاقات العربية – العربية، وخصوصاً ما يتعلق بالوضع في سوريا، على الرغم من أن بعدهما اقتصادي وأمني.
الأول، هو الاجتماع الذي احتضنته العاصمة الأردنية عمّان لوزراء النفط والطاقة في كل من مصر والأردن وسوريا ولبنان، وتم فيه البحث بتزويد الأخير بالغاز المصري، وبالطاقة الكهربائية من الأردن. والثاني هو استعادة الجيش السوري لمدينة درعا المحاذية للحدود الأردنية، التي ظلت سنوات خاضعة لسيطرة المسلحين المتطرفين، ما عرقل تواصل سوريا مع الأردن ودول الخليج العربي.
صحيح، أن اجتماع عمّان له بعد اقتصادي، وتم فيه الاتفاق على آليات تزويد لبنان بالغاز المصري والكهرباء الأردنية لمساعدته في التغلب على أزمته الحياتية الخانقة التي يعانيها، لكن الصحيح أيضاً أن الاجتماع ونتائجه يصبان في مسار سياسي جديد ذي مفاعيل استراتيجية تجاه الوضع السوري، وعلاقات دمشق مع الدول العربية باتجاه خروجها التدريجي من مفاعيل “قانون قيصر” الأمريكي الذي يطبق الخناق على الشعب السوري؛ ذلك أن وصول النفط المصري لا بد أن يسلك طريقه عبر الأردن وسوريا وصولاً إلى لبنان، كذلك فإن وصول الكهرباء الأردنية إلى لبنان لا بد أن يتم عبر سوريا، وكلا الأمرين كانا مستحيلين قبل الآن، ما يعني أن هناك عملاً عربياً جماعياً يجري لتجاوز “قانون قيصر” الذي فرضته الإدارة الأمريكية السابقة على سوريا، بهدف عزلها وتطويعها من خلال تشديد الخناق عليها بفرض عقوبات اقتصادية ومالية صارمة، وعلى الدول والجهات التي تقوم بدعمها.
في المقلب الآخر، فإن استعادة مدينة درعا من أيدي المسلحين بوساطة سورية، سيحرر الجنوب السوري من وطأة الإرهاب، ويعيده إلى حضن الوطن الأم، ويعيد فتح المعابر السورية – الأردنية، وهي شرايين حياة لكل من سوريا والأردن باتجاه العمق العربي الخليجي، ويسهم في رفد وتعزيز اقتصاد البلدين.
ثم إن هذه الخطوة ستمكن الجانب السوري من إعادة تأهيل خطوط الغاز والكهرباء المعطلة التي تمر في منطقة الجنوب، والتي كان من الاستحالة بمكان تأهيلها بوجود المسلحين الإرهابيين، وهي خطوط إجبارية لوصول الغاز والكهرباء إلى لبنان.
قد يستغرق ذلك بعض الوقت، لكن القرار اتخذ، وما تبقى هو اجتماع اللجان الفنية في الدول الأربع قريباً لبدء تنفيذ العمل.
ربما يقال إن هذه الخطوات ما كانت للتم لولا وجود “ضوء أخضر” أمريكي. قد يكون ذلك صحيحاً، لكن الإدارة الأمريكية الحالية يبدو أنها في مرحلة مراجعة لكل سياساتها الخارجية بعد الذي حدث في أفغانستان، ومنها السياسات المتعلقة بالمنطقة، وتحديداً منها الوضع في سوريا، بعدما ثبت لديها أن سياساتها تجاه هذا البلد العربي غير مجدية، ولم تتمكن من إخضاعه؛ بل بالعكس عززت مواقع خصومها من الدول الأخرى.
نحن أمام تحولات سياسية إقليمية ودولية بدأت ملامحها تلوح في الأفق.
المصدر: صحيفة الخليج