الرئيسية / مقالات رأي / «لعبة الكراسي» في إفريقيا

«لعبة الكراسي» في إفريقيا

افتتاحية صحيفة “الخليج”

الشرق اليوم – نعرف «لعبة الكراسي» التي يمارسها الأطفال للتسلية والترفيه، ونعرف قواعدها، إلا أن القارة الإفريقية تمارسها بطريقة مختلفة من خلال الانقلابات العسكرية، للوصول إلى كرسي السلطة، بحيث بلغت هذه الانقلابات منذ حصول دول القارة على استقلالها أكثر من 187 انقلاباً، من بينها أكثر من 100 انقلاب بين عامي 1966 و 1977 فقط، وكان آخرها انقلاب غينيا يوم الأحد الماضي، باستيلاء الجيش على السلطة واعتقال الرئيس ألفا كوندي.

وسبقه انقلاب آخر في مالي يوم 24 مايو/أيار الماضي أطاح الرئيس باه ندوا ورئيس الوزراء مختار أواني، وقبل ذلك وقع انقلاب عسكري في تشاد أواخر أبريل/ نيسان الماضي، بعد مقتل الرئيس إدريس ديبي خلال المعارك مع المتمردين، حيث تولى السلطة مجلس عسكري برئاسة نجله.

إنها القارة التي لا تعرف الهدوء، والتي تشكل الانقلابات العسكرية فيها نهجاً يسير عليه معظم قادة الجيوش، عندما لا تروقهم السلطة السياسية، أكانت وصلت إلى الحكم عن طريق الانتخابات، أو عن طريق الانقلاب.

بعض هذه الانقلابات قد يطول فيها حكم العسكر، وبعضها ينتهي بحروب أهلية وصراعات دموية ومذابح. إذ تقدر تقارير غربية أن ما يقارب 10 ملايين إنسان قتلوا جراء النزاعات المسلحة والصراع على السلطة، كما تم تشريد أكثر من 40 مليون لاجئ، بسبب المذابح التي أعقبت الانقلابات العسكرية.

حاول الاتحاد الإفريقي الحد من ظاهرة الانقلابات، واللجوء إلى الديمقراطية لحل الخلافات المحلية، وإبعاد القوات المسلحة عن الصراعات السياسية، كي يبقى في إطار مسؤولياته خاضعاً للسلطة السياسية، وحامياً للسلم الأهلي.

ومن أجل ذلك، قرر الاتحاد عدم الاعتراف بأية حكومة تصل إلى السلطة عن غير الطريق الديمقراطي، وهو ما قررته القمة الخامسة والثلاثين لقادة القارة التي عقدت في الجزائر في يوليو/تموز 1999، حيث صرح الناطق باسم الاتحاد أنه «لا انقلابات عسكرية بعد اليوم في القارة، وأي شخص يصل إلى السلطة في إفريقيا عن غير طريق الديمقراطية، لن يجد لنفسه مكاناً بين الرؤساء الأفارقة»، واتخذ الاتحاد قراراً «بفرض مقاطعة سياسية واقتصادية» على كل انقلاب عسكري. لكن هذا القرار لم يجد من يطبقه أو يلتزم به، إذ إن الجيش في ساحل العاج قام بانقلاب عسكري بعد عدة أشهر أطاح الرئيس كونان بيديه، كما وقع انقلاب آخر في النيجر عام 2010، وأيضاً في بوركينا فاسو عام 2015، ما يعني أن ثقافة الانقلابات أكثر رسوخاً من الديمقراطية، وأن «لعبة الكراسي» هي جزء من هذه الثقافة.

عندما ازدادت الانقلابات العسكرية في القارة الإفريقية خلال ثمانينات القرن الماضي، وسادت الدكتاتورية العسكرية معظم دولها، صدح صوت المغني الإفريقي المشهور ألفا كوندي (ساحل العاج) بأغنية، وهو يرتدي خوذة ولباساً عسكرياً، عنوانها: «كثير من الانقلابات..هذا يكفي». لكن موسيقى «لعبة الكراسي» كانت أعلى من صوته بكثير.

شاهد أيضاً

حكومة نتنياهو..تأزم داخلي وتجاذب خارجي

العربية- طارق فهمي الشرق اليوم– تواجه الحكومة الإسرائيلية أزمة جديدة متعلقة بتسريب معلومات أمنية تورط …