الرئيسية / مقالات رأي / عن تهنئة القاعدة لطالبان على “نصر الله” في أفغانستان

عن تهنئة القاعدة لطالبان على “نصر الله” في أفغانستان

بقلم: منصور الحاج – موقع الحرة

الشرق اليوم- في الحادي والثلاثين من أغسطس الماضي، وبعد ساعات من مغادرة آخر جندي أميركي للأراضي الأفغانية، أصدرت القيادة العامة لتنظيم القاعدة بيانا حمل عنوان “تهنئة الأمة الإسلامية على نصر الله في أفغانستان الأبية” هنأت فيه زعيم طالبان “أمير المؤمنين” هبة الله أخند زادة بـ”النصر العظيم على التحالف الصليبي”.

واعتبر البيان أن انتصار طالبان “أثبت أن طريق الجهاد هو الطريق الذي خاتمته النصر والتمكين في الأرض”، ودعا الأمة الإسلامية إلى “الاستعداد للمرحلة المقبلة” للتحرر من “حكم الطواغيت” و”تحرير فلسطين”.

كما أشار إلى أن انتصار طالبان “قد أنهى عصر الغطرسة الأميركية والأوروبية، وأطماعهم في الاحتلال العسكري للبلدان المسلمة، ووفر فرصة حتى لشعوب أوروبا ودول شرق آسيا للتخلص من الهيمنة الأميركية”.

بيان القاعدة المختصر يحمل في ثناياه الكثير من المعاني والدلالات، فوصول طالبان إلى سدة الحكم في أفغانستان بمثابة ميلاد جديد للتنظيم الذي تعرض لضربات موجعة وفقد غالبية قادته البارزين خلال العقدين الماضيين.

أما تعهد طالبان بقطع علاقتها بالتنظيمات الإرهابية وتحديدا القاعدة، الذي نص عليه الاتفاق الذي وقعته الحركة مع الولايات المتحدة في فبراير 2020، فإنه ليس أكثر من حبر على ورق.

إن من المتوقع أن يعطي سقوط أفغانستان بيد طالبان حافزا معنويا للجماعات الجهادية لمواصلة عملياتها حول العالم، فقد أثنوا في بيانات تهنئتهم لطالبان على ثبات مقاتلي الحركة واعتبروا أن انتصارهم كان نتيجة صبرهم وثباتهم وتمسكهم بجهادهم وبقوة إيمانهم بوعد ربهم.

وفيما يتضاءل نفوذ الدولة الإسلامية التي تستنزف جهود مقاتليها في حروب مفتوحة ضد قائمة أعدائها الطويلة، التي تضم كلا من الصليبيين، والمرتدين والشيعة والقاعدة وطالبان والصحوات، بل وحتى أبراج الكهرباء في العراق وافغانستان، تركز الجماعات الموالية للقاعدة هجماتها على القوات الحكومية والدولية والميلشيات المسلحة، وتحرص في الوقت نفسه على التفاعل مع الأحداث، أملا في التقرب من الشعوب المسلمة.

إحدى صور تفاعل القاعدة وأنصارها مع الأحداث المحلية يتجلى في تذكير الشعوب الإسلامية بأن الجهاد هو الحل، وأن جماعات الإسلام السياسي المتمثلة في الإخوان المسلمين أخطأت حين وضعت السلاح وتبنت السلمية واحتكمت إلى صناديق الاقتراع.

بل وصل الحال إلى حد وصف أحد أنصار القاعدة للإخوان المسلمين بأنهم “سلّم الطواغيت” وأنهم “أداة في يد الطواغيت يستعلمونها لخدمة مصالحهم ثم يرمونها عندما ينتهون منها”، في مقال سخر فيه من حركة النهضة في تونس لانقلاب الرئيس قيس سعيد عليها بعد مساعدتها له في الفوز بالانتخابات الرئاسية.

وبالعودة إلى البيان، يتضح أيضا أن قيادة القاعدة على علم برسائل التأييد التي انهالت من الشعوب الإسلامية بعودة طالبان إلى سدة الحكم في أفغانستان فوجهت الدعوة إليهم وطالبتهم بالوقوف “مع الشعب الأفغاني وإمداده بالخبرات والكفاءات والأموال ودعمه في شتى الميادين”.

وهدف البيان من وصف هذه المرحلة في أفغانستان بـ”الحساسة”، ومن إشارته إلى أن “أمم الكفر” تتكاتف ضد الشعب الأفغاني، إلى دغدغة مشاعر الشعوب المسلمة وحثهم على تقديم يد العون والمساهمة في إنجاح تجربة طالبان في الحكم.

أما رسالة البيان إلى الجماعات الجهادية فقد جاءت بصيغة دعاء إلى الله بأن يحرر فلسطين و”بلاد المغرب” و”بلاد الشام” والصومال واليمن وكشمير، وكلها مناطق تنشط فيها الجماعات الموالية لتنظيم القاعدة.

لست من المتشائمين لكنني على يقين بأن قادة القاعدة يدركون جيدا أن الفشل الأميركي في أفغانستان، رغم مليارات الدولارات التي تم إنفاقها لبناء دولة حديثة هناك يعني أن فرص حكومات الدول العربية والإسلامية أضعف على الصمود لسنوات طويلة إن سار المجاهدون على درب طالبان، وليس مصادفة أن يختتم التنظيم بيانه بـ”ووفق اللهم مجاهدي الأمة الإسلامية للسير على دربهم حتى تنعم الشعوب المسلمة بالعيش تحت ظل الشريعة الإسلامية”.

ربما فرح ملايين المسلمين بسقوط كابل وانسحاب الولايات المتحدة من هناك، إلا أن الويلات التي تنتظر الشعوب المسلمة على يد التنظيمات الجهادية تجعل المغامرة الأميركية في أفغانستان بمثابة نزهة قصيرة الأمد إن تحققت أمنيات قادة القاعدة.

شاهد أيضاً

أمريكا والمسكوت عنه!

العربية- عبدالمنعم سعيد الشرق اليوم– الدولة تتكون من شعب وسلطة وإقليم؛ ويكون الشعب فى أعلى …