الرئيسية / مقالات رأي / بيريسترويكا أمريكية

بيريسترويكا أمريكية

بقلم: هديل علي – الوطن السورية

الشرق اليوم- تحاول الولايات المتحدة الأميركية تغيير برقعها القديم الذي لبسته على مدار ثلاثين عاما، تحت سياسة استخدام القوة العسكرية أو الخشنة لتحقيق أجنداتها، وفرض ما أسمته زوراً «الديمقراطية وحقوق الإنسان» على دول تقع في مناطق تعدها حيوية بالنسبة لها.

البرقع الأميركي الجديد لبسه الرئيس جو بايدن، عقب الانسحاب من أفغانستان، عندما أعلن نهاية أطول حرب أميركية في التاريخ، والتخلي عن زرع الديمقراطيات في البلدان الأخرى بالقوة، فاستبدل القوة العسكرية بالقوة الناعمة التي تعتمد الحصار والثقافة والإيديولوجيا، مع احتفاظها بحق الدفاع عن نفسها، الانكفاء الأميركي السريع من حرب كبرى ومن موقع جيوإستراتيجي في القارة الآسيوية، يُقرأ في بعض التحليلات أنه إخفاق وهزيمة، فيما يراه محللون آخرون أنه (بيريسترويكا) أميركية خاصة، أو بالمعنى الأوضح إعادة هيكلية إدارية واقتصادية، عبر عنها بايدن بخطوط عريضة، عندما تحدث عن ضرورة تحديث البنية التحتية المتقادمة، ومكافحة الفقر، وتخصيص المقدرات المالية لتحقيقها، والتي قاربت الـ4.5 تريليون دولار.

بايدن الذي أدرك عبثية الحرب التي شنها الجمهوريون قبل عشرين عاما، وكلفت بحسب باحثين في جامعة براون العريقة 5.8 تريليونات دولار، وقتل فيها أكثر من 2300 جندي أميركي، وجرح أكثر من 20 ألفاً آخرين، أدرك أنها حرب بلانهاية، ولا يمكن أن تحقق الأهداف التي شنت لأجلها، سواء الأهداف المعلنة أم غير المعلنة، وأنها حرب استنزاف على حساب القدرات الذاتية للولايات المتحدة الاقتصادية والعسكرية والسياسية وحتى الاجتماعية، ما تقوم به واشنطن الآن هو إعادة هيكلة حقيقية وشاملة لسياستها الخارجية، القائمة على نظرية التوازن خارج المجال، أو التوازن من وراء البحار، والتي تعتمد فيها على قوى محلية مدعومة من واشنطن لتنفيذ أجنداتها، في حين توجه كل طاقاتها لإعادة بناء قدراتها الذاتية، وتجديد الدماء في عروقها، بعد أن ثبت لها أن هناك قوى حقيقية عالمية تنافسها بشكل جدي في فرض الإرادات، وتقاسمها نفوذها الدولي وتمنعها من تنفيذ مخططاتها.

لكن هناك من يقول إن الأوضاع الدولية والظروف الداخلية الأميركية، تشابه إلى حد كبير الأوضاع التي سبقت انهيار الاتحاد السوفييتي في تسعينيات القرن الماضي، خاصة بعد إيقاف العمليات العسكرية في أفغانستان، وطرح الرئيس السابق ميخائيل غوربتشوف (بيريسترويكا) شاملة، وحاز موافقة السوفييت الأعلى، لتبدأ بعدها بأربع سنوات مرحلة انهيار الاتحاد السوفييتي، فهل سيكون بايدن غوربتشوف أميركا، أم إنه سيكون المنقذ لها ويطبق ما تحدث عنه من هيكلية جديدة داعمة للداخل؟

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …