بقلم: طلعت رضوان – المصري اليوم
الشرق اليوم – بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 ثار جدل داخل الإدارة الأمريكية والكونجرس حول رفع قضايا لملاحقة بعض الدول والتنظيمات الإسلامية التي تسببتْ في أحداث سبتمبر 2001 وبعد عام من الحدث صدر كتاب (الخديعة الكبرى) تأليف أستاذ العلوم السياسية الفرنسي (تيري ميسان) وهو باحث وصحفي، وعمل في صحافة الاستقصاء وخبيرًا في قضايا حقوق الإنسان وبعد طبع الكتاب ونشره وتوزيعه، على دور النشر والمؤسسات الثقافية، إذا به ينتشر على نطاق واسع في معظم دول العالم.
كان سبب انتشار الكتاب، وانتشار الكتابة عنه في معظم الصحف والمجلات فى اوروبا، بخلاف الاهتمام الكثيف من جانب أجهزة الاعلام المرئية والمسموعة لعرض أهم فصول الكتاب، إما بواسطة استضافة المتخصصين في العلوم السياسية (بشكل عام) أو السياسة الأمريكية (بشكل خاص) وأرجع المتخصصون أنّ هذا الاهتمام بالكتاب، ليس بسبب الألم الذي أحدثه الانفجار على كل من شاهد الأحداث، أو التفاصيل التي ذكرها المؤلف، وأثبتها بالقرائن والأدلة وشهادة الشهود، ومن بينهم العدد الكبير من العاملين بالإدارات الخدمية في الولايات المتحدة الأمريكية وتعاظم الاهتمام بالكتاب نظرًا لشهرة المؤلف (تيري ميسان) الباحث الفرنسي (مواليد 18 مايو 1957) والناشط السياسي وكتبه العديدة ومعظمها يتعلق بمناهضة التطرف (سواء الديني أو السياسي)، وكان من أهم وأبرز أعماله (حملته الشهيرة) ضد الجبهة الوطنية اليمينية وهي الحملة التي استدعت تحقيقــًـا برلمانيــًـا، بسبب انشقاق (حزب اليمين المتطرف) كما يــُـشهد له الوقوف والتصدي في وجه الكنيسة الكاثوليكية، بسبب مناوراتها، وتدخلها في الشأن الساسي، وهو تدخل يضر بمصلحة غالبية المواطنين من الشعب الفرنسي. كان هذا أحد أسباب انتشار كتاب الخديعة الكبرى تأليف الفرنسي (تيري ميسان) وهو الكتاب الذي صار من بين الكتب الشهيرة، الأكثر انتشارًا على مستوى العالم. وبسبب هذا الانتشار فإنّ الأجهزة الإعلامية الدؤوبة (والشاطرة وفق تعبير شعبنا المصري) هي التي نجحتْ في الاتصال بالمؤلف، وإجراء الحوار معه.
هذا ما حدث في معظم دول العالم المتحضر، كرد فعل للكتاب الذي خالف الرواية الأمريكية عن أحداث 11 سبتمبر 2001 وهدم تلك الرؤية الأمريكية للحدث، بل وهزمها بأسلوبه البحثي الاستقصائي. أما في (مصرنا) الغالية العزيزة، فقد كان الوضع شديد الاختلاف. فلماذا كان الاختلاف، وما سببه؟ وفي عام 2002، أو 2003 لا أذكر بالضبط كتبتُ عرضـًـا للكتاب رفضته (كل) الصحف والمجلات (المصرية) وكانت تربطني علاقة صداقة بالمرحوم خالد السرجاني الصحفي بالأهرم الذي قال لي: فيه تعليمات من رئاسة الجمهورية بعدم نشر أي رواية تــُـخالف الرواية الأمريكية.. وبذلك تطابقتْ السياسة المصرية مع السياسة الأمريكية، وبالرغم من علاقتي الطيبة مع معظم رؤساء تحرير الصحف والمجلات في ذاك الوقت (عام 2002 أو 2003) فور صدور الكتاب الذي صدر في طبعته الأساسية الفرنسية في نهاية سنة 2001، أي بعد الحدث المؤلم بثلاثة شهور.
فصول الكتاب من الأول إلى الرابع ضمّـنها المؤلف بعض المعلومات مثل أنّ أموال أسامة بن لادن كانت مُـجمدة منذ عام 1998 وذلك بأمر رئيس الولايات المتحدة الأمريكية (كلينتون) وصدر بأمر حكومي رقم 13069 ووقــّـع عليه في 7/8/98.. وأنّ حكومة طالبان كانت أعجز من بن لادن على القيام بالعملية.
بعد الحدث حذّر اتحاد المحامين الأمريكيين أي محام من التقدم بدعوى قضائية نيابة عن أسر الضحايا.. وإلاّ تعرّض لشطب اسمه من النقابة. الرئيس بوش يتصل (شخصيـًـا) بزعماء الكونجرس، طالبـًـا منهم عدم تعريض الأمن القومي للخطر من جراء تشكيل لجنة تحقيق عن الحدث، وكوندوليزا رايس مستشارة الأمن القومي استدعتْ يوم 10/10/2001 مديري أكبر شبكات التليفزيون وطلبتْ منهم الامتناع عن بث ما يـُـلحق الضرر بالشعب الأمريكي.. وممارسة (الرقابة التحريرية الذاتية).
سأل المؤلف: إذا كانت الرواية الرسمية تزعم أنّ الاعتداءات دبـّـرها إرهابيون صحيحة، فلماذا الحيلولة دون قيام الكونجرس بأي تحقيق.. وقيام الصحافة بأي استقصاء.. ولماذا صدر قانون (باتريوت) الاستثنائي الذي (شلّ) الحريات الأساسية لمدة أربع سنين بحجة مكافحة الإرهاب؟
يوم 11 سبتمبر 2011 قال مذيع سي. إن. إن (احتمال مسؤولية بن لادن عن تدمير أحد برجىْ مركز التجارة) وذلك قبل إجراء أي تحقيق. وبدون تقديم أي دليل يؤكد مصداقية كلامه.
يوم 7/10/2001 أعلن بوش بدء الحرب على حكومة طالبان والقاعدة.
وبينما كانت حمم القذائف تتساقط على كابول، بثــّـتْ قناة الجزيرة حديثــًـا لأسامة بن لادن (كان مُـسجلا من قبل) قال فيه (ها هي أمريكا التي وجـّـه (الله) لها ضربة استهدفتْ أبنيتها.. وأنا أشكر الله أننا هزمنا بوش (قائد الكفار) في العالم… إلخ).. إنّ كلام أسامة بن لادن المسجل في (قناة الجزيرة) قبل الحدث يجعل العقل الحر يتساءل: هل كانت لديه (قدرة وموهبة التنبؤ كما حدث مع بعض الأنبياء) أو امتلك (شفافية روحية) أتاحتْ له (رؤية الغيب)؟ أم أنّ الأرجح أنه هو وعصابته من نفــّـذوا هذا العمل الإجرامي اللاإنساني؟
أثبت المؤلف (نقلا عن مراقبي الطيران المدني الأمريكي) أنّ الجهاز المُـخصّـص للاستجابة للذبذبات الرادارية كان معطلًا.. وظنوا أنّ عطلا كهربائيا أصابه. فهل يــُـعقل أنّ نظام الرادار العسكري عاجز عن تعيين مكان البوينج في دائرة لا يتجاوز قطرها بضعة عشرات من الكـيـلو مترات؟ ومن المعروف أنّ الجهاز المضاد للطائرات موضوع تحت إشراف قاعدة أندروز الرئاسية.. وفيها وحدتان مجهزتان بطائرات f16، f18.. وكان في وسعهما الحيلولة دون اقتراب البوينج من هدفها.. وأنّ البوينج خرقتْ واجهة المبنى (فقط).. ومع ذلك انهارتْ الطوابق العليا، فكيف حدث ذلك؟ وكان من المُـفترض أنْ تتحول البوينج إلى حطام.. ولكن بالرجوع إلى صورة وكالة أ. ب لا يوجد أي أثر لطائرة مُـحطــّـمة.
أشار التقرير الرسمي إلى أنّ احتراق مخزون الطائرتيْن المُـهاجمتيْن من المحروقات.. ولـّـد درجة حرارة هائلة أضعفتْ الهيكل المعدني المركزي للمبنييْن.. ولكن اتحادات إطفائي نيويورك رفضتْ هذا التقرير.. وأكــّـدتْ مجلة (هندسة الحرائق) أنّ هذه الهياكل تستطيع مقاومة النيران فترة طويلة.. وطالبوا بإجراء تحقيق مُـستقل، لأنهم يشتبهون بوجود مواد مُـخزّنة في الأبنية.. وتفجيرات تستدعي وجود فريق آخر على الأرض. وأكــّـد (فان روميرو)، الخبير بمعهد نيومكسيكو للمناجم والتكنولوجيا، أنّ الانهيار لم يكن ممكنــًـا إلاّ بواسطة مُـتفجرات داخل المبنييْن.. ولكنه تراجع عن رأيه بعد الضغوط التي تعرّض لها.
وأثبت المؤلف أنّ تحطم الطائرتيْن لا يـُـفسر السبب عن انهيار مبنى ثالث هو البرج رقم 7.. وقد استبعدتْ الجمعية الأمريكية للمهندسين الأمريكيين فرضية زعزعة أساساته.. وبالفعل فإنّ البرج رقم 7 تــمّ تدميره.. وبالتالي فإنّ السؤال هو: هل لدى أحد أي تفسير آخر غير التفجير من الداخل؟ خاصة أنّ هذا البرج به قاعدة للمخابرات الأمريكية.. وفي عهد كلينتون تحوّلتْ إلى نشاطات تجسسية اقتصادية في مانهاتن.
وعن الدليل على المعرفة المُـسبقة للاعتداء استند المؤلف إلى شهادة الشهود عن (تدافع الموظفين في الأدوار العليا.. والتنبيه عليهم بعدم الذهاب إلى مكاتبهم) وكذلك التشكيك في الفيديو الذي زعمتْ الرواية الرسمية أنّ الأخويْن (جون وجدعون) هما من صوّرا الحدث (بالصدفة) وأنّ مشهد الانفجار الذي شاهده بوش في التليفزيون، يتعلق بمشاهدة سرية نـُـقلتْ إليه.. ولكن بما أنّ المخابرات الأمريكية تمكــّـنتْ من تصوير أول هجوم، فإنّ ذلك يعنى أنها كانت على علم به من قبل.. والسؤال هو: لماذا لم تــُـحرّك ساكنــًـا لانقاذ مواطنيها؟ ولذلك فإنّ مُـنفذي الهجوم (أيـّـا كانت جنسياتهم) تمتــّـعوا بدعم من فريق أمريكي ساعدهم على الأرض.. وهل يستطيع أحد تصور أنْ التدمير الإجرامي كان من الممكن أنْ يقوده إرهابيون قادمون من كهوف أفغانستان؟ ذكرتْ النيويورك تايمز أنّ المهاجمين كان معهم شفرات التعريف والتحويل الرئاسية.. وشفرات مكتب الاستطلاع الوطني.. واستخبارات القوات الجوية.. واستخبارات الجيش والبحرية.. ووزارتي الخارجية والطاقة. فكيف وصلتْ تلك الشفرات للمهاجمين؟ علمـًـا بأنّ كل واحدة منها لا يعرفها إلاّ قلة من المسؤولين (المصدر: مقال التجسس الرقمي في البيت الأبيض: الإرهابيون يحصلون على شفرات الرئاسة – صحيفة (ورلدنت دايلي) في 20 سبتمبر 2001).
وعن شخصية محمد عطا، الذي قالت الرواية الرسمية إنه تولى قيادة العملية، فإنه كاد يخفق في استبدال رحلته يوم 11 سبتمبر 2011 ونجح في الالتحاق برحلة أخرى على الخطوط الجوية الأمريكية.. ولكنه فشل في استرجاع حقائبه. فهل يــُـصـدّق أحد أنْ يـُـربك المرء نفسه بأمتعة وهو ذاهب للانتحار؟ ومما يدعو للسخرية أنّ جهاز إف. بي. آي أذاع العثور على جواز سفر محمد عطا ضمن أنقاض مركز التجارة العالمي كاملا رغم آثار الحريق. فكيف صمد (جواز السفر)؟ صمد بتلفيقات جهاز أمني أمريكي. برجاء ملاحظة أنّ كتاب تيري ميسان مُـزوّد بالملاحق والوثائق. وأعلم أنّ هذا الكتاب شكــّـل صدمة لكثيرين. فهل هو كتاب للدفاع عن الإسلاميين الإرهابيين المُـجرمين؟ أم أنه كاشف لألاعيب السياسة الأمريكية وخفاياها؟ ولماذا كان التعتيم عليه، سواء بالاتفاق أو بالاختلاف؟