بقلم: محمد أحمد طنطاوي – اليوم السابع
الشرق اليوم – يومياً نسمع أخباراً عن “البتكوين” العملة الافتراضية المشفرة، صعوداً وهبوطاً، الكل يتحدث عنها، خاصة أوساط الشباب، الكثير يبدي الندم على تخلفه عن شرائها عندما كانت بدولارات محدودة، وكيف صارت اليوم بأكثر من 52 ألف دولار، وخلقت حولها الكثير من العملات الرقمية الجديدة، وانتشرت زبائنها في الكثير من دول العالم، إلا أنها مازالت مصدر خطر داهم على الاقتصاد العالمي، ومصدر قلق للدول النامية، التي تشق طريقها نحو التنمية.
ليس مهما أن نتحدث عن الطرق الفنية التي يتم من خلالها تعدين البتكوين أو العملات الرقمية المشفرة، والتكنولوجيا المرتبطة بها، إلا أن الأهم هو رصد تأثير هذه العملات على الاقتصاد، والبنوك المركزية حول العالم، وخطورته في ابتلاع اقتصاديات الدول الناشئة وتدمير البنوك المركزية، خاصة أن العملات العالمية مثل الدولار واليورو، لن تتأثر بوجود العملات المشفرة، فالأخيرة يتم صرفها والتعامل عليها في مقابل هذه العملات.
آلاف الشباب لا يعرفون المخاطر التي تحملها العملات المشفرة، أو المصادر التي يتم من خلالها تمويل وتعدين هذه العملات، ولا يهتمون إلا للثراء السريع والمكاسب الكبيرة، التي سرعان ما تتحول إلى خسائر كبيرة، ويظل صاحبها “محبوس” بأمواله وكل ما يملك داخل هذه العملة الافتراضية، التي قد يستقر داخلها لشهور، ربما سنوات حتى يحصل على أمواله أو يفقدها مع عمليات النصب الكبيرة التي تتم في هذه التجارة الرائجة.
بعض الشباب يبيع كل ممتلكاته، ويترك وظيفته ويتفرغ لتعدين البيتكوين، أملاً في الحصول على الأموال، والمكاسب الخيالية، والقفزات غير المتوقعة، والحقيقة المُرة أن هؤلاء الشباب غالباً ما يخسرون كل ما لديهم، نتيجة عدم الخبرة، وامتلاء هذه السوق بعشرات المحتالين، لذلك يمكن أن نرصد مجموعة من النصائح في التعامل مع البيتكوين والعملات المشفرة.
أولاً: مصر لا تعترف رسيماً بالبتكوين أو أي عملة رقمية لذلك حيازة هذه العملات أو المتاجرة فيها داخل مصر جريمة يعاقب عليها القانون.
ثانياً: البتكوين والعملات المشفرة تدمر الاقتصاد الوطني وتؤثر بصورة مباشرة عليه، خاصة أنها تُتشرى بالعملة الصعبة، وهو ما يجعلها تخلق سوقاً سوداء للعملة وتؤثر على قوة “الجنيه”، وتخلق فوضى في الأسواق.
ثالثا: العملات الرقمية تلغي عمل البنوك وتؤثر على دور المصارف المركزية كمنظم وضابط لسوق النقد، ومراقب على الأنشطة المصرفية المختلفة.
رابعاً: غالباً ما يتم استخدام البيتكوين في عمليات غسل الأموال والتجارة المشبوهة، وكذلك الجماعات الإرهابية والتنظيمات المتطرفة، التي لا يمكنها التعامل مع البنوك بصورة مباشرة.
خامساً: البيتكوين لا تحكمها قواعد السوق أو نظرية العرض والطلب، ولا يوجد لها غطاء حقيقي يضمن قيمتها، لذلك قد تجدها اليوم بـ 52 ألف دولار، وغدا بـ 40 ألف فقط، وفق تحركات عشوائية يتحكم فيها كبار الحائزين لهذه العملة في العالم.
سادساً: لو كنت تعيش في مصر ولديك عملات افتراضية تم شراؤها من خلال المنصات الرقمية، لن تتمكن من تسييلها أو تحويلها أو أموال حقيقية، فالبنوك تراقب كل حركات تحويلات النقد الأجنبي من الخارج، وستضع نفسك أمام السؤال التقليدي المعروف “من أين لك هذا؟” لذلك تأكد أنك حينما تُقدم على شراء العملات الرقمية سوف تخسر كل المكاسب المحتملة، بالإضافة إلى أصل رأس المال.
سابعاً: سوق العملات الرقمية مملوء بمحترفي النصب، وبسهولة شديدة قد تجد نفسك خسرت كل ما تملك حتى قبل أن تشترى البيتكوين.
ثامناً: دار الإفتاء المصرية حرمت البيتكوين والعملات الرقمية المشفرة، وقطعت بأنه لا يجوز استخدامها، لآثارها السلبية على الاقتصاد، وإخلالها باتزان السوق ومفهوم العمل، وفقدان المتعامل فيها للحماية القانونية والرقابة المالية المطلوبة.
تاسعاً: البيتكوين تلغي فكرة العمل وتدفع مؤشرات البطالة للأمام، وتؤثر بصورة مباشرة على معدلات الإنتاج، فلن نجد من يعمل ولكن سنجد من يخطط للمكاسب السهلة من خلف الشاشات.
عاشراً وأخيراً: العملات الرقمية سوف تدفع في اتجاه زيادة الجرائم ورواج التجارة المشبوهة، والخاسر الأول فيها الدول الفقيرة أو النامية، التي لا تمتلك الموارد الكافية أو الصناعات المهمة التي تحميها من انهيارات العملة المحلية.