بقلم: د.طارق فهمي – صحيفة “الاتحاد”
الشرق اليوم – مع إعلان الرئيس جو بايدن، أن الولايات المتحدة ستستمر في حرب «داعش خراسان»، فإن السؤال المطروح ماذا عن شكل هذه الحرب الأميركية؟ وهل ستستخدم وسائل استباقية، أم أنها ستعمل على جزء من منظومة استخباراتية مختلفة؟
تساؤلات تطرح نفسها في ظل ما طرأ من مستجدات، وفي إطار شعور أميركي عام بالمهانة جراء ما يجري من مواجهات بدأت بما جرى في مطار كابول، وسيمتد إلى مواقع أخرى، بعد أن أعلن «تنظيم داعش خراسان» عن ضلوعه في تفجيرات المطار، الأمر الذي سيتطلب على المستوى الأميركي مواجهة من نوع آخر تعتمد على أنماط جديدة من التعامل، بعد أن انسحبت الولايات المتحدة من مسرح العمليات، ولم تعد هناك قوات غير معلوم عددها في ظل قرب الانتهاء من ترحيل المدنيين المتعاونين.
ستعمل الولايات المتحدة على الخطة (ب)، وهو الانتقال من الحرب والمواجهة إلى أعمال استخباراتية متقدمة، وهو ما يفسر عقد سلسلة من اللقاءات بين قيادات الاستخبارات المركزية، وبين كوادر من حركة «طالبان» ربما لتبادل المعلومات بالأساس، والتنسيق الأمني واللوجستي في مواجهة «داعش خراسان»، الذي سيبدأ المواجهة على أرضية مختلفة أصلاً، وعبر استراتيجية ممتدة خاصة أن مسارات حركته سترتبط أيضا بما يخطط له تنظيم «القاعدة»، الذي سيخرج من سباته ليقوم بدوره .
وبصرف النظر عما سيجري من احتمالات مواجهة ستقودها الولايات المتحدة، فإن إدارة بايدن ستنتقل إلى أهداف أخرى منها التخطيط لإنشاء قواعد جديدة في بلدان آسيا الوسطى، وإعادة تحديد مهام الضباط العاملين في مجال الخدمات السرية إلى إدارة المصادر الحية في الداخل الأفغاني من دون المواقع العسكرية والمحطات الاستخباراتية الثابتة، والمتنقلة التي وفرت الغطاء للعملاء حرية الحركة والانتشار العاجل لتأدية مهام متعددة في السابق، والتعرف أين يمكن لوكالة الاستخبارات المركزية شن غارات بالطائرات المسيّرة، مع الاستمرار في إدارة عمليات في العمق الأفغاني إضافة للتعامل مع مخاطر متوقعة لتنظيم «القاعدة» التي تتحين العودة مرة أخرى للعمل، والانتشار في مناطق جديدة، وبالتالي فإن المهام الاستخباراتية ستسبق أية مهام أخرى سياسية، مع التركيز على مطاردة عناصر الجماعات الإرهابية الممتدة، وإعادة بناء الاستخبارات المركزية للعديد من شبكاتها، الأمر الذي قد يكلف الإدارة الأميركية مجدداً مليارات جديدة.
وستحتاج الإدارة إلى دعم من الكونجرس لتمويل مهام وعمل الأجهزة السرية من جديد، وهو ما يجب التحسب لتبعاته داخل لجنتي الأمن القومي والتخطيط الاستراتيجي، والتي ستطلب التعرف على تفاصيل البرامج السرية، والمهام غير المعلنة، والتي سيتم العمل عليها، ولن تترك المهام من دون مراجعات دورية. وستعمل الأجهزة الأمنية والاستخباراتية عن طريق عملاء الاستخبارات المركزية، أو قوات العمليات الخاصة التي تعمل تحت سلطة «البند 50» – مثلما حدث عندما قتلت قوات النخبة أسامة بن لادن في باكستان في مهمة أدارتها الاستخبارات المركزية. ولم تفصح بعد عن تفاصيلها تاركة المشهد يحمل سيناريوهات متعددة.
ومن المؤكد أن مواجهات جديدة ستجري وفقاً لسيناريوهات استخباراتية. وفي ظل غياب الدعم العسكري على الأرض، يحتاج الأمر إلى الاعتماد على قواعد بعيدة عن منطقة آسيا والأقرب ستكون من منطقة الخليج العربي، حيث مسرح العمليات الممتد. فاصل جديد من المواجهة الأميركية ستقوده الاستخبارات المركزية، انطلاقاً من حسابات جديدة ستفرض نفسها على التوجهات الأميركية أولاً، وداخل الساحة الأفغانية ثانياً.