بقلم: ماريا معلوف – سكاي نيوز
الشرق اليوم– خلال الأسبوع الماضي وبالرغم من تعقيدات الشأن الأفغاني وطغيانه على جدول أعمال الرئيس بايدن، فقد تم عقد الاجتماع مع رئيس الوزراء الاسرائيلي بعد تأجيله لساعات، حيث كان أول ما أكد عليه الرئيس الأميركي هو “التزام الولايات المتحدة الراسخ بأمن إسرائيل” وتعزيز الشراكة بين البلدين اللذين أعلنا سابقا الرغبة في بدء إنطلاقة جديدة في العلاقات الأمريكية الإسرائيلية.
وناقش الطرفان ملف إيران والمساعدات العسكرية لإسرائيل والقضية الإسرائيلية الفلسطينية والصين، وان احتاج كل منهما إلى (اجتماع ناجح) لأسباب سياسية محلية وبالطبع بناء علاقة شخصية جديدة.
الشأن الايراني لا يغيب أبدا في مثل هذه اللقاءات حتى وإن كانت هذه أول زيارة رسمية إلى واشنطن يقوم بها بينيت كرئيس وزراء لإعادة تشكيل معالم العلاقات الأمريكية الإسرائيلية وتقليص الخلافات بخصوص الملف الإيراني لكن يبقى السؤال هنا.. هل العلاقات الأمريكية الإسرائيلية في أفضل أحوالها؟
ما يتردد هنا في واشنطن إنه تم الاتفاق من الجانب الإسرائيلي مع الإدارة الأمريكية على عمل استراتيجي مشترك لكبح البرنامج النووي الإيراني وانه “تم إنشاء علاقة شخصية بينه وبين الرئيس بايدن”بل وتم تحقيق جميع أهداف الزيارة وما بعدها”.
واذا تحدثنا عن الشأن الفلسطيني يمكن القول إن تبعات تلك الزيارة على العلاقة الفلسطينية الإسرائيلية بدأت بعد ذلك اللقاء بساعات حيث أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس أن إسرائيل ستقدم “بوادر حسن نية” للسلطة الفلسطينية وذلك غداة اجتماعه مع الرئيس محمود عباس حيث اتفق الطرفان على المبادرات الاقتصادية بما في ذلك قرض بقيمة 500 مليون شيكل كما ستعترف إسرائيل بوضع “آلاف” الفلسطينيين الذين يعيشون في الضفة الغربية دون تصاريح إسرائيلية وكان
الغرض من الاجتماع هو “بناء الثقة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية دون الترويج لاتفاق سلام” كما قال رئيس الوزراء الاسرائيلي.
وقال رئيس الوزراء الاسرائيلي أيضا “جئت إلى الاجتماع لبناء الثقة والحفاظ على المصالح الإسرائيلية والعلاقات المهمة مع السلطة الفلسطينية”، وأوضح أنه يعتقد أن على إسرائيل دعم السلطة الفلسطينية، مشيرا إلى أنه “كلما كانت السلطة الفلسطينية أقوى، ستصبح (حركة المقاومة الاسلامية) حماس أضعف”.
وهذا هو أول لقاء بين وزير إسرائيلي ورئيس السلطة الفلسطينية منذ عام 2010 وبعد توقف مفاوضات السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل نهاية مارس عام 2014 أي بعد تسعة أشهر من المحادثات برعاية أمريكية وقتها دون تحقيق تقدم لحل الصراع الممتد بين الجانبين منذ عدة عقود.
بالعودة الى الشأن الايراني، يتردد هنا في واشنطن أن بينيت أخبر بايدن أنه، على عكس نتنياهو، يريد التعاون مع الولايات المتحدة بشأن المسألة الإيرانية وان الحاجة ملحة إلى “الخطة ب” حيث يبدو أن عودة إيران إلى الاتفاق النووي لعام 2015 أمر غير مرجح على نحو متزايد.
اليوم يبدو الجانب الإسرائيلي رابحا من خلال هذا الاجتماع ذلك أنه وفي نتيجة مهمة للجانب الإسرائيلي، أشار بايدن إلى أن الولايات المتحدة ستكون منفتحة على “خيارات أخرى” إذا فشلت الجهود الدبلوماسية في إيران وأكد التزام الولايات المتحدة الثابت الذي لا يتزعزع بامن إسرائيل، وأنه يؤيد تماما تجديد نظام القبة الحديدية في إسرائيل”.. ومهما يكن من أمر فإن بايدن كان صريحا بشأن رغبته في تغيير المسار في الشرق الأوسط عن المسار الذي اتبعه سلفه، حيث صرح بأنه يريد العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران التي تفاوض عليها الرئيس باراك أوباما وانسحب منها الرئيس دونالد ترامب؛ وهو من أشد المدافعين عن حل الدولتين للنزاع الإسرائيلي مع الفلسطينيين وفي الوقت نفسه أعاد بايدن 235 مليون دولار من المساعدات للسلطة الفلسطينية التي حجبها ترامب.
خلال هذا الشهر أجريت مقابلتين تلفزيونيتين مع المتحدث باسم أركان جيش الدفاع الإسرائيلي افخاي ادرعي اثارتا كثيرا من ردود الأفعال وقد فهمت منه دعم الرأي العام الإسرائيلي لاراء بينيت فقد كانت إسرائيل ذات يوم يحكمها حزب العمل الديمقراطي الاجتماعي، وهو حزب متقبل لحل الدولتين وصاغ اتفاقيات أوسلو؛ ولكن الانتفاضة الثانية التي أطلقها رئيس السلطة الفلسطينية آنذاك ياسر عرفات لدفع إسرائيل نحو مزيد من التنازلات بشأن اتفاق سلام نهائي غيرت كل ذلك. إذ أدى اندلاع التفجيرات الانتحارية داخل حدود ما قبل عام 1948 إلى تحويل الرأي العام بشكل كبير نحو اليمين، وخسر رئيس الوزراء المنتمي لحزب العمل إيهود باراك انتخابات رئاسة الوزراء في عام 2001 بهامش 62 مقابل 38 صوتا. ومنذ ذلك الحين، هُزم حزب العمل وحليفه اليساري، ميرتس، في الانتخابات. ففي انتخابات مارس الماضي التي أوصلت بينيت إلى السلطة، جمع حزب العمل وميرتس 13 مقعداً فقط من أصل 120 مقعد في الكنيست الإسرائيلي، وبهذا تلاشت القاعدة السياسية اليسارية الوسطية التي هيمنت ذات يوم على السياسات الإسرائيلية بشكل أساسي.
في خلاصة قد يمكننا القول أنه لايمكن أن تنطبق على العلاقات بين أمريكا وإسرائيل قواعد ومبادئ العلاقات العادية بين الدول، أو التي أساسها مبدأ المصالح المشتركة فإسرائيل تتلقى ما يقارب الـ3.8 مليار دولار سنويا من الولايات المتحدة وبالطبع هناك المساعدات العسكرية والالتزام الأمريكي بتعويض خسائر إسرائيل في أي حرب يمكن أن تقع بينها وبين طرف آخر ولست هنا لاردد المقولة التي يكررها بعض أعضاء الكونجرس هذه الأيام وهي انه من غير المقبول أن تمثل اسرائيل خدمة ومعطى استراتيجياً للولايات المتحدة يحظى بما يطلق عليه( شيكاً مفتوحاً.) ذلك انني كنت أعتقد ولا ازال انه من السابق القول إن العلاقات الأمريكية الإسرائيلية ستتحول إلى علاقة عادية. فتاريخيا ومنذ صدور وعد بلفور وصولا إلى مؤتمر بلتيمور الذي عقد 1942 في الولايات المتحدة، فإن كل الإدارات الأمريكية كانت تؤكد التزامها بأمن إسرائيل وتفوقها، وما زال هذا الموقف قائماً حتى الآن.
ويبقى أن نفهم أن العلاقات الأمريكية الإسرائيلية تحكمها عوامل ومحددات تفوق محددات المصالح المشتركة حتى وإن رأى البعض في كلامي هذا ردا على توماس فريدمان الذي زعم أن الرئيس بايدن هو آخر الرؤساء الأمريكيين تأييدا لإسرائيل