BY: Megan Greene
الشرق اليوم – من المنتظر أن تحدث التقنيات الجديدة تحولًا في نظام البنوك العالمية، ولكن الاندفاع نحوها يخاطر بإلحاق ضرر كبير بالنظام المالي.
إن إصدار عملات البنك المركزي الرقمية أمر لا مفر منه. فقد أمضت الصين حتى الآن 7 أعوام في العمل على هذه الإستراتيجية ولديها برامج تجريبية لليوان الرقمي. ومن جهته، يسعى البنك المركزي الأوروبي إلى إصدار عملة رقمية بحلول عام 2025، في حين إن خطوات بنك إنجلترا وبنك الاحتياطي الفيدرالي بطيئة.
لقد تغيّر النظام المالي العالمي على امتداد الـ15 عاما الماضية، وتهدد العملات المشفرة وشركات التكنولوجيا المالية بتحويل المدفوعات والودائع والقروض من القطاع المصرفي إلى شبكات غير خاضعة للإشراف، وهذا التحوّل من شأنه أن يجعل مجال التمويل الدولي غير خاضع للقوانين، وذلك يهدد استقرار القطاع ويقوّض قدرات البنوك المركزية على تأدية مهامها.
إن أنصار عملات البنك المركزي الرقمية يرون أن خطة الدفاع الوحيدة تكمن في احتفاظ صناع السياسة بالسيطرة النهائية على المعاملات المالية.
مع ظهور عملات البنوك المركزية الرقمية، يمكن للشركات التجارية والأفراد فتح حسابات مباشرة في البنك المركزي. وعلى الرغم من أن ذلك يمكن أن يساعد على توفير الكفاءة، فإنه سينهي دور البنوك في الوساطة المالية.
ويتمثل جوهر نماذج الأعمال المصرفية في الاستفادة من الودائع لتقديم القروض وتحصيل الرسوم، ولكن في ظل عدم استقرار قاعدة الودائع، سوف تتضاءل هذه الممارسة وتتضاءل معها أرباح البنوك.
ومن أجل التعويض عن الرسوم التي وقعت خسارتها، قد تفرض البنوك رسوما أكبر على خدمات الدفع والحسابات، وهذا يعدّ كثيرًا لنظام مالي أرخص وأكثر شمولًا.
ومن الناحية السياسية إنه “سيكون من الصعب على البنك المركزي التدخل لسد فجوة الإقراض من خلال تولي دور مخصص الائتمان. فضلا عن ذلك، سيتعين على البنك المركزي تولي مهام تشغيلية جديدة مثل المجازفة الائتمانية وتحليل عملية (اعرف عميلك)، وهذا يقتضي أيضا تصميم نظام يمكن العملاء من الاحتفاظ بحسابات عملات البنك المركزي الرقمية في بنك أو وسيط آخر يوفر بدوره الخدمات نفسها”.
لهذه العملية تحدياتها الخاصة نظرا إلى أن عملات البنوك المركزية الرقمية مدعومة من البنك المركزي، فهي تعدّ أكثر أمانًا، وعند حدوث أزمة، قد يؤدي ذلك إلى تهافت العملاء على البنوك تجنبا لاستخدام النقد.
وحتى إذا عرضت البنوك التجارية سعر فائدة أعلى على المدّخرين مقارنة بتلك الخاصة بعملات البنوك المركزية الرقمية، فمن المحتمل ألا تكون هذه الإستراتيجية فعالة. ومن شأن القيود المفروضة على حيازات عملات البنوك المركزية الرقمية أن تترك فجوات للعملات المشفرة غير المنظمة التي قد تقوّض القدرة التنافسية في مواجهة عملات البنوك المركزية الأخرى.
يجادل أنصار عملات البنوك المركزية الرقمية بأنهم سيعززون الاندماج بتمكين الجميع من الحصول على حساب مصرفي، ولكن هذا الأمر يتعارض مع مشكلة الأشخاص الذين لا يمكنهم الوصول إلى الإنترنت.
إن الخصوصية تمثل مصدر قلق آخر، فهل يريد العملاء أن تطّلع حتى وكالة شبه حكومية على تفاصيل إنفاقهم؟
سيسمح النظام القائم على الترميز باستخدام العملات الرقمية المركزية من دون الإفصاح عن هوية مستخدمها، وقد يلفت هذا النظام اهتمام 23% من سكان الولايات المتحدة الذين لا يتعاملون مع البنوك لأنهم لا يثقون بها ويريدون الخصوصية.
وفي غضون ذلك تعمل البنوك المركزية على إدارة مخاوف التسوية من خلال تطوير أنظمة الدفع الفوري. وإذا كانت عملات البنوك المركزية الرقمية قابلة للتشغيل المتبادل، فقد يجعل ذلك المدفوعات عبر الحدود أسرع وأرخص، ولكن سيتعيّن على البنوك المركزية إنشاء قنوات ذات هيكل وحوكمة متفق عليهما.
وفي الأثناء، ستستمر جهود مكافحة غسيل الأموال التي أبطأت محاولات تحديث المدفوعات عبر الحدود حتى مع عملات البنوك المركزية الرقمية.
وعموما لا بد من تحديث النظام المالي الدولي ليتماشى مع العصر الرقمي، وستتولى البنوك المركزية زمام المبادرة. ويعدّ الحصول على التصميم المناسب لعملات البنوك المركزية الرقمية أمرا بالغ الأهمية، ومن الحكمة دراسة هذا الأمر جيدا بدلا من التسرع، وينصح بالتحرك بحذر مثلما يفعل بنك الاحتياطي الفدرالي وبنك إنجلترا.
ترجمة: الجزيرة