بقلم: حمادة فراعنة – الدستور الأردنية
الشرق اليوم– حتى لو اقتصر انعقاد مؤتمر بغداد على التضامن مع العراق، فهو مفيد للشعب العراقي الذي عانى ويلات الحرب والاحتلال والتدخل والإرهاب، وتبعات ذلك وآثاره ما زالت بائنة في تفاصيل حياة العراقيين ويومياتهم، وتطلعاتهم الجامحة نحو الأمن والاستقرار والاستقلال والكرامة.
هناك ممن شاركوا في المؤتمر، باستثناء الأردن، لم يكونوا على وفاق مع عراق الأمس، ولذلك يمكن فهم استجابتهم للمبادرة والفكرة العراقية والمشاركة في قمة بغداد العربية الإسلامية الدولية، أنه تعبير عن تقديم الاعتذار لما آل إليه العراق، والمساهمة لخروجه مما علق به من تبعات الحرب والاحتلال والتدخل في شؤونه الداخلية والإرهاب.
نحن كأردنيين، في أعناقنا وضميرنا دين للعراق، فقد وقف الشعب العراقي معنا، في كل الأحوال، من نظامه الملكي إلى الجمهوري، ومن الرجعي والتقدمي، من الوطني إلى القومي، بصرف النظر من يحكم العراق وفق تبدلاته الداخلية، كان معنا، رافعة لنا، ولذلك لم يتردد رأس الدولة الأردنية، في الاستجابة لما يتطلع إليه العراق.
واستضافتنا للقمة المقبلة الثانية، العام القادم، هو تأكيد لهذا الخيار الأردني نحو شعب العراق، به ومعه باقون، في مساهمة معنوية سياسية وطنية قومية رداً لما يستحقه العراق.
مصالحنا مع العراق، لعل التدخلات الإقليمية والدولية تتراجع أمام إصرار العراقيين لاستعادة خياراتهم الوطنية القومية كما كانوا، وكما يجب أن يكونوا.
الذين يفهمون السياسة أنها إما خيار أبيض نقي صاف، أو أسود ، من ضيقي الأفق، فالتحولات الجوهرية لا تتم بدفعة واحدة، بل بتراكم ما هو إيجابي والتمسك به وتعلية شأنه ودوره، ومواجهة كل ما هو سلبي، لا يلبي تطلعات الشعب المتضرر من القائم، والشعب العراقي لا بد أن يسير على الطريق الموصل نحو حريته واستقلاله واستعادة كرامته كما يستحق، ولكن ذلك يتم بالتدرج والنهوض الذاتي الوطني، ولن يتم ذلك إلا بالتفاهم بين مكوناته المتعددة، فالتعددية والديمقراطية والاحتكام لنتائج صناديق الاقتراع هو الخيار الذي لا بد أن ينتصر، وإذا عدنا لمراجعات حزب البعث الاشتراكي بعد 2003، لوجدنا الرؤى السياسية التي تؤكد أن الأحادية والتفرد الحزبي أو القومي أو المذهبي، أمراض عالقة يجب التخلص منها من أجل عراق أكثر تماسكاً ووحدة وعزيمة نحو طرق أبواب المستقبل الأفضل.
سينتصر العراق، وعقد هذا المؤتمر، ومن قبله القمة الثلاثية، تأكيد على أن العراق يسير نحو خياراته الصحيحة، حتى ولو تعجب البعض هذه الخيارات، ومرغمين على التعامل معها أو القبول بها.
النصر للعراق، لشعبه، لخياراته الوطنية القومية التعددية الديمقراطية التقدمية.