بقلم: عمرو الشوبكي – المصري اليوم
الشرق اليوم – أعلن تنظيم داعش (فرع خراسان) مسؤوليته عن التفجير الإرهابي في مطار كابول، والذي خلّف حوالي 170 قتيلًا، بينهم 13 أمريكيًا و3 بريطانيين، وأثار ردود فعل واسعة، على المستوى الداخلي، خاصة ما يتعلق بمستقبل الصراع بين طالبان وداعش، أو على المستوى الخارجي، وتحديدًا ما يتعلق بنظرة الولايات المتحدة إلى أفغانستان عقب انسحابها. والحقيقة أن تصريحات الرئيس الأمريكي عقب التفجير شملت جوانب كثيرة، أغلبها رسائل إلى الداخل الأمريكي، وكيف أن ترامب هو الذي وقّع اتفاقًا مع طالبان بالانسحاب من أفغانستان، في شهر مايو الماضي، وأن الرئيس الحالي اتخذ القرار الصائب، حتى لو كان متأخرًا.
وتبقى الجملة المفتاح فيما يخص المنطقة، والتي قال فيها إن أفغانستان منقسمة بين قبائل ومناطق متناحرة، وإنه لا يقول ذلك بقصد الازدراء، إنما إقرار واقع بأن التربة الأفغانية لم تقبل «الديمقراطية»، التي جلبتها أمريكا معها.
والحقيقة أن الأزمة في النموذج الذي حاولت أن تفرضه أمريكا بالقوة المسلحة في أفغانستان وبعدها العراق، وليست في أن الديمقراطية لا تصلح في بلادنا من عدمه. هذا النموذج الذي أعاد أفغانستان بعد 20 عامًا من الاحتلال الأمريكي إلى حكم طالبان مرة أخرى، وأن تكون في صراع مسلح مع حركة داعش.
والحقيقة أن التنافس بين طالبان وداعش قديم، وقد دخلتا في مواجهات دامية أثناء فترة الاحتلال الأمريكي، وانتهت بهزيمة داعش وفشلها في السيطرة على أي من الأراضي الأفغانية، رغم وجود عناصر وخلايا نائمة لداعش، تُقدَّر ببضع مئات.
حركة طالبان تختلف عن داعش، فالأولى حركة محلية، تؤسس لما تسميه «إمارة إسلامية»، وتعتمد على دعم القومية الأكثر عددًا في البلاد، وهي البشتون، (تقترب من نصف عدد السكان)، بما يعنى استحالة اقتلاعها، كما أنها أقل عنفًا ودموية، وأشد بدائية، وأقل استخدامًا للتكنولوجيا الحديثة من داعش، أما الأخيرة فهي حركة عالمية عابرة للحدود والقوميات، وتسعى لتأسيس ما تسميه «الخلافة الإسلامية»، وتعتمد الأساليب الأشد دموية ووحشية في تاريخ الجماعات المتطرفة والإرهابية، ولا تعتمد على أقلية عرقية بعينها في أفغانستان، إنما هي مبعثرة بين بلاد ثلاثة، هي باكستان وأفغانستان وإيران، فيما يُعرف بـ«تنظيم الدولة فرع خراسان».
من المتوقع أن تستمر عمليات داعش في أفغانستان، ومن الوارد أن تجري عملية أخرى في محيط المطار، ولكن من غير المتوقع أن يسيطر داعش على أي مدينة أو إقليم في أفغانستان كما فعل في سوريا والعراق، إنما سيستمر خنجرًا في خاصرة طالبان بالقيام بعمليات إرهابية تستهدف بصورة أكبر الأقليات العرقية، خاصة الهزارة وأي أجنبي قد يدفعه حظه العاثر للذهاب إلى أفغانستان. أما طالبان فربما يدفعها «الضغط الداعشي» إلى إبداء المزيد من المرونة والمواءمة السياسية مع المجتمع الدولي حتى تبدو أقل خطرًا وسوءًا من داعش، وفي مواجهة معه.